على أن للمرأة حالتين أَبَرَّتْ فيهما - بحكم الإسلام وشهادته - على الرجل وهاتان هما حالتا الأمومة والزوجية، وهما أمثل حالات المرأة، وأظهرها لكرم خلالها وجلال سجاياها، وأنهضها ببناء الكون، وأتما لنعمة الله على الإنسان.
فأما أولى الحالتين، فشاهدها ما حدث البخاري عن أبي هريرة قال:
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال أمَك. قال ثم من؟: قال أمّك: ثم من؟ قال: أبوك.
فانظر كيف أنّ صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم آثرها بتقديم القول، ثم لم
يكفه ذلك في بيان ما لها من فضل السبق، وشرف المنزلة، فاختصها من قلب ولدها بثلاثة أضعاف نصيب أبيه منه.
وأمّا الثانية فشاهدها ما ذكره ابن سعد في حديث حَمْنة بنت جحش قال:
قام النساء حين رجع رسول الله من أُحُد يسألن الناس عن أهلهن فلم يُخْبَرْن حتى أتين رسول الله صلى اله عليه وسلم، فلا تسأله واحدة إلا أخبرها. فجاءته حَمنة بنت جحش. فقال: يا حمنة، احتسبي أخاك عبد الله بن جحش. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له. قم قال: يا حمنة احتسبي خالك حمزة ابن عبد المطلب. قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له. ثم قال يا حمنة احتسبي زوجك مُصعب بن عمير. فقالت: يا حرباه. فقال النبي صلى الله عليه