وكم كانت فاطمة بنت رسول الله إذا أهَلَّتْ مقْبلة على أبيها قام لها عن مجلسه وأخذ يدها فقبلها.
أما كرامة سيرتها، وصيانة اسمها، فذلك ما لا نحسب شريعة من الشرائع حاطتهما بمثل حياطة الإسلام لهما. وحسبك أن الله سبحانه وتعالى اشتد في كتابه الكريم على قاذفي النساء في أعراضهن بأشد مما اشتدّ على القتلة وقطاع الطريق، فقد قال سبحانه وتعالى في سورة النور:(والذِينَ يَرمْقُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ يَأْتُوا بِأَرْبَعةِ شُهَدَاءَ فاْجلِدُوهُم ثَمَانِينَ جَلدَةً ولا تَقْبَلوا لَهمْ شَهَادَةً أَبَداً وأُولئِك هُمُ الفَاسِقون).
فجعل سبحانه وتعالى للقاذف عقوبة ثمانين جلدة ثم دعم هذه العقوبة بأخرى أشد وأخزى، وهي اتهامه أبد الدهر في ذمته، واطرح شهادته، فلا تقبل له شهادة أبدا ثم وسمه بعد ذلك بِسمَة هي شر الثلاثة جميعاً، وهي سمة الفسق، ووصمة الفجور.
لم يكن كل ذلك عقاب أولئك الأئمة الجناة، فقد عاود الله أمرهم بعد ذلك بما هو أشد وأهول من تمزيق ألسنتهم فقال:
وإن في حديث الإفك، وما فاض الله في شأنه. لموعظة وذكرى لقوم يعقلون. فإن ناساً لم يبرءوا بعد من وضر الجاهلية نالوا من اسم عائشة أم المؤمنين بألسنتهم، وأعقبهم جماعة المنافقين فذهبوا بالقول كل مذهب، واحتجز بقية