وكيف بالرجل يسوم المرأة نفسها. أو ينازعها فضل رأيها. وتلك فتاة تقوم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقى كلمة لا تدع للرجل من بعدها إلى قهرها من سبيل.
ونحن لكي ما نورد تلك الكلمة الرائعة الصادعة، نعود إلى حديث خنساء خذام فنرويه بما رواه صاحب المبسوط في كتابه. قال:
قالت الخنساء: إني أبي زوجني من ابن أخيه وأنا لذلك كارهة. فقال صلى الله عليه وسلم: أجيزي ما صنع أبوك. فقالت: ما لي رغبة فيما صنع أبي. فقال صلى الله عليه وسلم: اذهبي فلا نكاح له، أنكحي من شئت. فقالت: أجزت ما صنع أبي لكني أردت أن يعلم الناس أن ليس للآباء من أمور بناتهم شيء قال صاحب المبسوط: ولم ينكر عليه الصلاة والسلام مقالتها.
وبريرة! ومن بريرة؟ هي جارية من جواري الحبشة ملكها عتبة بن أبي لهب وزوجها عبداً من عبيد المغيرة ما كانت لترضاه لو كان لها أمرها. فأشفقت عليها عائشة أم المؤمنين فاشترتها وأعتقتها. فقال لها رسول الله: ملكت نفسك فاختاري.
وكان زوجها يمشي خلفها ويبكي، وهي تأباه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ألا تعجبون من شدة حبه لها، وبغضها له؟ ثم قال: أتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك. فقالت: أتأمرني؟ فقال: لا إنما أنا شافع. فقالت: إذاً فلا حاجة لي إليه.