فانظر إلى حسن وصفها لموقفها، وتبين قولها: وإن أمض فإلي مالا غني بي عن الازدياد منه. تَرها - على امتلاء حجة صاحبتها وقوّتها - لا تنثني عن داعية قلبها، ولا تتراجع عما رأت الخير فيه، وعقدت العزم عليه. بل هي تطلب المزيد منه وتسير قدُماً إليه.
ذلك شأن عائشة أم المؤمنين. فأمّا جندها يكونوا من السَّوام الذين يتبعون أول صائح، بل كان مدعوم الصفوف بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. وليس واحد منهم بمتّهم في دينه، ولا مفرّط في كتاب اللهِ، وهم جزء من جماعة المسلمين الذين يُؤْتسى برأيهم، ويهتدي بمحجّتهم.
ذلك ما فعلت عائشة أم المؤمنين وما كانت فيه بدعاً من أزواج رسول اللهِ فقد شركتها أم المؤمنين صَفية بنت حُي يوم حوصر عثمان؛ فخرجت علي بلغتها لِتدفع غارة المغيرين عنه.