أما من سوى أمهات المؤمنين فلم يكن يتحرجن من مجاذبة الرجال كل شئون الدنيا والآخرة. وسيمر بك في موطن خاصة من هذا الكتاب ما أسفر عنه رأي أولئك النساء في مجالس العلم، ومحافل الأدب، ومشاهد الرأي، وساحات العمل، وما قرّ لهن في مواطن كثيرة من زعامة المسلمين وقيادتهم، وتصريف سياستهم، وتكوين رجالهم. وما شيء من ذلك بالهيَّن اليسير.
والآن وقد أخذ بالقول في حرية المرأة فيما عدا دارها، فإن حقا علينا أن نقول في أمر نِقْبَتِها، وما عليه هيئتها، إذا انكشفت عن بيتها.
أول ما أمرت به المرأة إذا خرجت لبعض شأنها، أن تضرب بخمارها على صدرها، فذلك حيث يقول الله جل ذكره:(وَليَضْربنَ بِخُمُرِهنَّ عَلى جُيُوبِهنَّ) وذلك كي لا يظهر شيء من مكشوف صدرها، ولا زينة نحرها. وكان نساء الأنصار لا يتخذن الْخُمُرَ فاتخذنها لذلك. ثم زاد الله سبحانه ذلك الأمر بياناً وتوكيداً فقال:(يَا أَيُّها النَّبي قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ونِساءِ المُؤْمنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنََّ مِنْ جلابِيِبِهنَّ ذلِك أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يؤْذَيْنَ وكان الله غَفُوراً رَحيماً).
فأُمرت المرأة إذا سارت في مذاهب الرجال أن تُرخي بعض ثيابها على بعض وجهها بأن تستره ببعض خمارها حتى لا تعرف بأنها من إماء المدينة وبغاياها اللواتي