عليه. فاء لأبنائها ورعياً عليهم وضنا بهم أن يضيعوا عند غير أبيهم.
فقد علمت من أمر أم هانئ بنت أبي طالب كيف أبت على نفسها شرف الزواج برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاء لأبنائها، وقضاء لحق الله، وحق التربية فيهم، وكيف امتدحها النبي، وشكر لها ذلك.
وكان ذلك بعض عذر أم سلمة حين خطبها رسول الله فأرسلت تقول له: إني مُصِبية. فأرسل إليها: أما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله. فقالت عند ذلك مرحبا برسول الله.
ومات مالك بن النضر وابنه أنس رضيع، وزوجه أم سليم شابة حَدَثة. فكثر خطابها فقالت: لا أتزوج يأمرني أنس. فوفت بعهدها وبرت. وكان ذلك من مما أرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها.
وقالت امرأة من نساء اليمامة تدعى أم أثال وكانت كأحسن النساء وجهاً فلما مات زوجها، تدافع الخطاب على بابها فردّت كل خاطب، وفاء لأبنها أثال:
لعمر أثال أفدى بعيشه ... وإن كان في بعض المعاش جفاء
إذا استجمعت أم غضن طرفه ... وشاعره دون الدثار بلاءُ
ذلك بعض حديث المرأة المسلمة في الوفاء لخير ما خلقت له، ووكلت به. وإن لنا لعودة إليه في الكلام على تأثير المرأة المسلمة في الرجل، وتكوينها له، إن شاء الله تعالى.
وبعد فإن نساء العرب في الإسلام لم يدعن لرجالهن خلة يستأثرون بها دونهن، ولم يتركن سبيل من سبل العظائم، ولا مشرفاً من مشارف المكارم إلا وكن
السابقات إليه، الواثبات إلى غايته. حتى لقد جاذبن الرجال حبل البطولة،