ونحن لا ندع القول في شجاعة النساء يمر، حتى نختمه بحديثين. ومنهما تعلم إلى
حدّ بلغ ثبات المرأة، ووفور ثقتها بنفسها، واستمكانها من موقفها.
أما أولهما ما حدث سعد عن أنس بن مالك، قال:
شهدت أم سليم حُنينا مع رسول الله، ومعها خنجر قد حزمته على وسطها، وإنها يومئذ حامل بعبد اله بن أبي طلحة، فقال أبو طلحة: يا رسول الله إن أم سليم معها خنجر فقالت: يا رسول الله اتخذه إن دنا أحد مني أحد ممن المشركين بَقرت بطنه، أقتل به الطلقاء، وأضرب أعناقهم إن انهزموا بك.
فتبسم رسول الله فقال: يا أم سليم، إن الله قد كفى وأحسن وأما الثاني فما رواه الجاحظ في البيان والتبيين قالك.
كان حبيب بن مسلمة الفهري رجلا غزَّاء للترك، فخرج ذات مرة إلى بعض غزواته فقالت له امرأته: أي موعدك؟ قال: سرادق الطاغية، أو الجنة إن شاء الله تعالى. قالت إني لأرجو أن أسبقك إلى أي الموضعين كنت به. فجاء، فوجدها في سرادق الطاغية، تقاتل الترك.