قال لا والله ما أنا من همدان. قالت فممن؟ قال من النخع. قالت أفتعرف القائل؟
إذا النخع اللئام عدوا جميعاً ... تدكدت الجبال من الزحام
وما تغني إذا صدقت فتيلا ... ولا هي في الصميم من الكرام
قال لا والله ما أنا من النخع. قالت فممن؟ قال من لخَم. قالت أفتعرف القائل؟
إذا ما اجتبي قوم لفضل قديمهم ... تباعد فخر الجود عن لخم أجمعا
قال لا والله ما أنا من لخم. قالت فممن؟ قال من كلب. قالت أفتعرف القائل؟
فلا تقربن كلباً ولا باب دارها ... ولايطمعن ساريري ضوء نارها
قال والله ما أنا من كلب. قالت فممن؟ قال من سُليم. قالت أفتعرف القائل؟
إذا ما سليم جئتها في ملمة ... رجعت كما قد جئت نادماً
قال والله ما أنا من سليم. قالت فممن؟ قال من الموالي. قالت أفتعرف القائل؟
ألا من أراد اللؤم والفحش والخنا ... فعند الموالي الجيدُ والكتفانِ
قال لا والله ما أنا من الموالي. قالت فممن؟ قال رجل من الشيطان الرجيم قالت أفتعرف القائل؟
ألا يا عباد الله هذا عدوكم ... وذا ابن عدو الله إبليس خاسئاً
حتى إذا ضاقت بالرجل مناسبه، وأعيت عليه مذاهبه، قال لها الله الله! أقيليني العثرة فوالله ما ابتليت بمثلك قط. ثم خرج خاسئاً وهو حسير
ذلك حديث الصبية العربية التي لم تَعدُ بعد طور الحداثة، وتلك قوة بديهتها ودقة فطنتها وحضور جوابها. وأخذها المآخذ على خصمها. وفي الحديث كما رواه المسعودي هناتٌ للقبائل ومغامز ضربنا الصفح عنها.