بذل. فأنا في عيش أنيق، عند ملك رفيق. فقال معاوية: بحسن نيتي ظفرت بكم وأعنت عليكم، قالت: مه يا هذا! لك والله من دحض المقال ما تُرْدى عاقبته، قال ليس
لهذا أردناك. قالت: إنما أجرى في ميدانك، إذا أجريت شيئاً أجريته فاسأل عما بدا لك. قال: كيف كان كلامك يوم قتل عَّمار بن ياسر! قالت: لم أكن والله رويته قبل، ولا زَوَّرْته بعد وإنما كانت كلمات نفثهنّ لساني حين الصدمة. فإن شئت أن أحدث لك مقالا غير ذلك فعلت. قال: لا أشاء ذلك. ثم التفت إلى أصحابه فقال: أيكم حفظ كلام أم الخير فقال رجل من القوم: أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد، قال هاتهِ! قال نعم، كأني بها، يا أمير المؤمنين وعليها بُرد زَبيدي كشيف الحاشية، وهي على جمل أرمك وقد أحيط حولها حَوَاء وبيدها سوط مُنْتَشرُ الضَّفْر، وهي كالفحل يهدرُ في شقشقتهِ تقول: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيءٌ عظيم، إن الله قد أوضح الحق، وأبان الدليل، ونوّر السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولا سوداء مُدلهمة. فإلى أين تريدون رجمكم الله، أفراراً عن أمير المؤمنين أم فراراً من المؤمنين؟ أم فراراً من الزحف؟ أم رغبة عن الاسم؟ أم ارتداد عن الحق؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول:(ولَنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول: اللهم قد عيل الصبر، وضعف اليقين على الهدى واردد الحق إلى أهله. هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل، والوصي الوفي والصديق الأكبر