إنها إحن بَدرية وأحقاد جاهلية. وصغائن أُحُدية، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس. ثم قالت: قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون. صبراً معشر الأنصار والمهاجرين. قاتلوا عن بصيرة من ربكم وثبات من دينكم. وكأني بكم غداً لقد لقيتم أهل الشام كَحُمر مستنفرة لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى، عما قليل لَيُصْبحُن نادمين، حتى تحل بهم الندامة فيطلبون الإقالة. إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل؛ ومن لم يسكنه الجنة نزل
النار: أيها الناس إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها؛ واستبطئوا مدة الآخرة فسعوا لها. والله أيها الناس لولا أن تبطل الحقوق؛ وتعطل الحدود، ويظهر الظالمون، وتقوى كلمة الشيطان لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه. فإلى أين تريدون رحمكم الله عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته؛ خلق من طينته، وتفرع من نبعته؛ وخصه بسره؛ وجعله باب مدينته. وعلم المسلمين، وأبان ببغضه المنافقين فلم يزال كذلك يؤيده الله عز وجل بمعونته، ويمضي على سنن استقامته لا يعرج لراحته الدَّاب. هاهو مفلق الهام، ومكسر الأصنام، إذ صلى والناس مشركون، وأطاع والناس مرتابون فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر، وأفنى أهل أُحد، وفرق جمع هوازن فيالها من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقاً، ورِدة وشقاقاً. وقد اجتهدت في القول، وبالغت في النصيحة، وبالله التوفيق، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فقال معاوية: يا أم الخير ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي، والله لو قتلتك