قيل لِحُبَّي المدينة: ما الجرح الذي لا يندمل؟ قالت: حاجة الكريم إلى اللئيم ثم لا يجدي عليه. قيل لها فما الشرف؟ قالت: اعتقاد المنة في أعناق الرجال تبقى الأعقاب.
قيل لأعرابية مات ابنها: ما أحسن عزاءك؟ قالت: إن فقدي إياه آمنني كل فقد سواه. وإن مصيبتي به هّونت علىّ المصائب من بعده. ثم أنشأت تقول:
كنت السواد لناظري ... فعمِى عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر
ليت المنازل والديا ... ر حفائر ومقابر
إني وغيري لا محا ... لة حيث صرت لصائر
حدّث إسحاق الموصلي عن رجل من أهل المدينة. قال: كنت في جنازة عبد الله ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وإذا امرأة تقول: واحرّاه عليك! فسألت عنها، فقالوا هذه أُمه. فدنوت منها، فقلت يا أم عبد الله، إن عبد الله كان بعض البشر. فقالت: إن عبد الله كان ظهراً فانكسر، وأصبح أجراً ينتظر، وإن في ثواب الله لعزاء عن القليل، وجزاء على الكثير.
كانت هند بنت المهلب تقول: إذا رأيتم النعم مستدرّة فبادروا بالشكر قبل الزوال.
دعت أعرابية لابن لها وجَّهته إلى حاجة، فقالت:
كان الله صاحبك في أمرك، ووليك في نجح طلبتك، امضِ مصاحباً مكلوءا، لا أشمت الله بك عدوّا، ولا أرى محبيك فيك سوءا.
وقفت أعرابية فقالت: يا قوم سنة جردت، وأيد جمدت، وحال أجهدت، فهل من فاعل لخير، وآمر بِمَير. رحم الله من رحم فأقرض من لم يظلم.