رأت عائشة أم المؤمنين رجلا متماوتا فقالت: ما هذا؟ فقالوا زاهد. قالت: كان عمر بن الخطاب زاهداً. وكان إذا قال أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب في ذات الله أوجع.
قال رجل لولادة العبدية، وكانت كأعقل النساء. إني أريد الحج فأوصيني قالت: أأوجز فأبلغ، أم أطل فأحكم؟ فقال: بما شئت. قالت: جد تسد، واصبر تفز. قال أيضاً. قالت: لا يتعد غضبك حلمك؟، ولا هواك علمك، وفّرْ دينك بدنياك، ووفر عِرضك بَعَرضِك. وتفضل تخدم، وأحلى تُقدم قال: فبمن أستعين؟ قالت: إن قلت من الناس. قلت الجلد النشيط، والناصح الأمين، قال: فمن أستشير؟ قالت المجرب الكيس، أو الأديب ولو الصغير. قال: فمن أستصحب؟ قالت: الصديق الملم، أو المدجى المتكرم. ثم قالت يا ابناه إنك تفد على ملك الملوك فانظر كيف يكون مقامك بين يديه.
قالت أعرابية لابنها: أي بني! غن سؤلك الناس ما في أيديهم، من اشد الافتقار إليهم، ومن افتقرت إليه هُنْتَ عليه، ولا تزال تحفظ وتكرم حتى تسأل وترغب فإذا ألحت عليك الحاجة، ولزمك سوء فاجعل سؤالك إلى من إليه حاجة السائل والمسئول.
مات لأعرابية ميت فغمضته وترحمت عليه، ثم قالت: ما أحق من أُلبس العافية وأطيلت له النظْرَةُ ألا يعجز عن النظر لنفسه، قبل الحلول بساحته والحيال بينه
وبين نفسه.
قالت هند بنت عتبة: المرأة غُل، ولا بد للعنق منه، فانظر من تضعه في عنقك.
نظرت أعرابية إلى امرأة حولها عشرة من بنيها كأنهم الصقور فقالت: لقد ولدت أمكم حزناً طويلا.