ينتهي إلي فينحدر في خزان عميق نقروه لذلك في الجبل وسموه إلى اليوم بئر زبيدة ومن هنالك يسير الماء في فرعين: يذهب أحدهما إلى عرفات، وينتهي الآخر إلى مسجد نمرة.
ولهذه العين بل لذلك النهر الفرات مَوَادع في أعماق أرض مكة يخزن الماء فيها. ولكي لا يأسَنَ الماء صرف ما فضل منه عن ري الظماء إلى بركة ماجن بالمسفلة فقام حولها الزهر الناضر والثمر الَجني.
تلك هي عين زبيدة التي احتملت ماء الحياة سائغة هنية إلى أم القرى، إلى مُتَّجه أبصار المسلمين، ومعتصم أقطارهم، ومناط وحدتهم، وقبلة جماعته، إلى الوادي المقدس الذي يجتمع فيه ضيوف الله في بيته. ويصعدون فوق مرتقى رحمته، تهفو مآزرهم على مناكبهم، وتجف قلوبهم بين أعطافهم، وتحول دموعهم في مآقيهم. وهم يهتفون بصوت واحد ينبعث من قلب واحد لبيك اللهم لبيك فإن أظمائتهم مواقفهم فمن ذلك المنهل الطاهر المطهر نُهلةُ ريقهم، ونقيع زفراتهم
وبلال أكبادهم.
ذلك أثر المرأة التي تركت هُجناء الرجال في أودية الضلال يجد بهم الدهر وهم عنه لا هون؛ ويشتدّ بهم الأمر وهم في غيهم يعمهون.
تلك هي النفوس التي صاغها الله من روحه، وروَّاها من رحمته، واصطنعها لإذاعة خُلُقه، وهيأها لتزكية خَلقهِ، وابتعثها غُرَّةً في جبين الزمان وأمنةً من كيد الحدثان.
سلام على تلك الخلائق إنها ... مسلمة من كل عار ومأتم