ثم تجنت عليه الذنوب، وتغايرت على أهله، ووصمتُهُ النظر إلى صواحبها، وسقته أنصاف أقدحها وجمشته بعُضُوض تفاحها، ومنحته من ريحانها، وزودته عند انصرافه خصلة من شعرها، وقطعة من مرْطها، وشظية من مضاربها وأهدت إليه في النيروز تكة وسكرا، وفي المرجان خاتماً وتفاحاً، ونقشت على خاتمها رسمهُ، وأبدت عند العثرة اسمهُ وغنته إذا رأته:
نظرُ المِحبَّ نعيم ... وصدوده خطر عليه عظيم
ثم أخبرته أنها لا تنام شوقاً، ولا تهنأ بالطعام وجداً عليه، ولا تمل - إذا غاب - الدموع فيه، ولا ذكرته إلا تنغصت، ولا هتفت باسمه إلا ارتاعت، وأنها قد جمعت قِنَّيَنَةً من دموعها من البكاء، وتنشد عند موافاة اسمه بيت المجنون:
وأهوى من الأسماء ما رافق اسمها ... وأشْبهَهُ أو كان منهُ مدانيا
وعند الدعاء به قوله:
وداع دعا نحن بالخيف من مني ... فهيج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بليلى طائر كان في صدري