للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذخيرة عنده، إذا لم تكن الدنيا كاملة لهم، ولا هم منتقصون شيئاً قدموه لأنفسهم؟، وسكنت نفوسهم ورضيت بالصبر على الطاعة لتنال جملة الكرامة، وإن كلامك ليدلني على أن تحته علة وهي التي حملتك على مناظرتك لي على مثل هذا. وقد كنت أظن قبل اليوم فيك أنك تأمرين بالحرص على طاعة الله عز وجل والخدمة له والتقرب إليه بالأعمال الزكية التي تبلغ رضاه وترفع عنه، فقد أصبحت متغيرة عن ذلك العهد الذي كنت أعهدك عليه، فأخبريني بما عندك وأوضحي لي ما بقي في نفسك، فإن يكن لك جواب أعنتك، وإن يكن يكن فيه حظ تابعتك، وإن يكن أمراً بعيداً عن الله تعالى وعظتك. قالت يا بنية! فأنا

مخبرتك به، والذي منعني من إلقائه عليك هيبتك، فأما إذا بسطتني وعلمت أن عندي خبراً وأمرتني بإلقائه فإن من قصة فلان كذا كذا: قالت قد ظننت ذلك، فأبلغيه مني السلام وقولي: أي أخاه إني والله قد وهبت نفسي لمليك يكافئ من أقرضه بالعطايا الجزيلة، ويعين من انقطع إليه وخدمه بالهمم الرفيعة، وليس إلى الرجوع من بعد الهبة سبيل، فتوسل إلى مولاك ومولاي بمحابه، وأسرع إليه في غفران ما قدمت يداك من عمل لم يهبه ولم يرضه، فهو أول ما يجب عليك أن تسأله وأول ما يجب عليَّ أن أطيعك به، فإذا خدمته بقدر ما عصيته طاب لك الفراغ من سؤال شهوات القلوب وخطرات الصدور، فإنه لا يحسن بعبد كان لمولاه عاصياً وعن أمره ناسياً أن ينسى ذنوبه والاعتذار منها. ويلزم نفسه مسألة الحوائج لعلها داعية له غلى الفتنة إن لم يتداركه الله بكرمه، فاستنقذ يا أخي من مهلكات الذنوب فإن له فضلا وسع كل شيء، ولست مؤيستك من فضله إن رآك متبتلا إليه، ومما قدّمت يداك معتذراً أن يمن بي عليك، فإنه الملك الذي يجود علي من ولي عنه فكيف من أقبل إليه، فلا يشك أنه إذا جاد على من تولى عنه يكون لمن أطاعه مكرماً وإليه وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>