ولما أبى الواشون إلا فراقنا ... وليس لهم عندي وعندك من ثار
وشنوا على أسماعنا كل غارة ... وقل حُماتي عند ذاك وأنصاري
غزوتهمُ من مقلتيك وأدمعي ... ومن نفَسي بالسيف والسيل والنار
ولحمدة أخت تدعى زينب وكانت شاعرة كأختها.
ومن أستاذات هذا العصر في الشعر مريم بنت يعقوب الأنصاري، وكانت تغدو على بيوت أشبيليه فتعلم نساءها الشعر والأدب، ولها بينهن منزلة محمودة لسمو أدبها وفرط حشمتها! وكان عظماء البلد يجلونها ويدنونها لعراقة أثرها ونبالة خلقها وحسن بديهتها. وقد أرسل إليها المهدي صاحب أشبيلية دنانير في قرطاس كتب فيه:
مالي بشكر الذي أوليتِ من قِبَل ... لو أنني حزت نطق اللسن في الخِلل
يا فذة الظرف في هذا الزمان ويا ... وحيدة العصر في الإخلاص والعمل
أشبهت مريما في ورع ... وفقت خنساء في الأشعار والمثل
فأجابته الشاعرة:
من ذا يجاريك في قول وفي عمل ... وقد بدرت إلى فضلٍ ولم تُسل
ما لي بشكر الذي نظَّمت في عنقي ... من اللآلي وما أوليت من قبل
لله أخلاقك الغر التي سقيت ... ماء الفرات فرقت رقة الغزل
من كان والده العضب المهند لم ... يلد من النسل غير البيض والأسل
وكان نساء غرناطة أعرف بالشعر ومعانيه وصوغه وصقله من غيرهن. وقد ذكر صاحب نفح الطيب أنهنّ كن يُدْعين العربيات لسيرهن على سَنن العرب في صفاء الشعر وفصاحة المعاني، فبدل أن يقال هذه غرناطية كان يقال هي عربية.