للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شواعرها الصادحات نزهون الغرناطية، وكانت من أعذب النساء وأروحهن نفساً وأرفقهن بالشعر وأضربهن للأمثال، ولها في مجالس الوزراء والأمراء آثَرُ منزلة وأعز مكان، وكانت فوق ما عرفت به من رقة الطبع وسماحة الذوق من أحسن الناس بديهة وأحضرهم جوابا.

ومما حدثوا عنها أنها كانت ذات على أبي بكر المخزومي الأعمى فدخل عليهما أبو بكر الكندي فقال يخاطب المخزومي: لو كنت تبصر مَنْ تجالسه! وأُفحم. فلم يستطيع أن يتمم البيت الذي بدأه فقال نزهون:

لغدوت أخرس من خلاله

البدر يطلع من أزِرَّته ... والغصن يمرح في غلائله

ومن شعرها الذي أرخت لنفسها العذار فيه:

لله در الليالي ما أحيسنَها ... وما أحيسن منها ليلة الأحد

لو كنت حاضرنا فيه وقد غفلت ... عين الرقيب فلم تنظر إلى أحد

أبصرت شمس الضحى في ساعدي قمر ... بل ريم خازمة في ساعدي أسد

ومن نوادرها أن ابن قزمان الشاعر جاء ليناظرها - وكان يلبس غِفارة صفراء على زي الفقهاء - فلما رأته إنك اليوم كبقرة بني إسرائيل صفراء فاقع لونها، ولكن لا تسر الناظرين، فضحك الحضور، وثار ابن قزمان واندفع يسب، وتدافع القوم عليه حتى طرحوه في بركة أمام البستان الذي احتفل المجلس به.

وفي هذا العصر ذاع الشعر النسوي القصصي، فكان مما يألفه النساء أن يبسطن حديثهن شعراً، وقد يكون ذلك في حفل حاشد أو بين يدي ملك أو في رسالة إلى أب أو صديق، ومن أمثلة ذلك رسالة بثينة بنت المعتمد إلى أبيها.

وحديث ذلك أن المعتمد بن عباد بعد أن دفع به القضاء من قصره الأغن

<<  <  ج: ص:  >  >>