للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما علمت مثار الفتنة والسحر في الغناء والشعر، وكان للناس في العراق منم هذين الموردين معين غدِق، وروض خصيب، وهما من وسائل الرقة التي امتزجت بالأدب العربي في العراق.

أما المرأة الأندلسية فمع مجاذبتها للرجل كثيراً من أطراف العلم والأدب لم تأت منه بما يعلو عن مألوف الكلام إلا قليلا، لأن للأدب النسوي جمالا خاصا تنقله المرأة عن المرأة لا عن الرجل، ولو أن المرأة العربية المتحضرة في العراق عنيت برواية الأدب النسوي في البادية وأخذت كفايتها منه وعمدت إلى ما أخذت فصقلته على غرار الحضارة وغذته بماء النعيم لأتت بأطيب الثمرات وأنداها على

القلوب والأكباد.

ولا أعلم كيف غفل متأدبو الأندلس ومؤلفوهم عن استقصاء شعر نسائهم والعناية بتقييده، فهم يسمنوا ولادة بنت المستكفي: عُلية الأندلس، ويدعون حمدة بنت زياد خنساء المغرب، وهم مع ذلك لا يذكرون لكليهما إلا القليل المحدود من الشعر الذي أثارته مناسبة أو قيدته حادثة، وقد لا يكون هذا من أفضل ما قالت الشاعرة، بل قد يكون فوق ذلك غَثّاً تافهاً لا شأن له، في حين أنهم دعوا ابن هانئ المغربي متنبئ الغرب وابن خفاجة الأندلسي صَنوبري الأندلس ذكروا لهما ما جل ودق من شعرهما حتى لم يُعد شيء منه خافياً عن أحد، والعجب أن هذا القليل المحدود الذي نقل عن نساء الأندلس كان يتناوله مؤلفو القوم بعضهم عن بعض، فليس هناك تبسط في النقل ولا استفاضة في البحث عن شعر النساء، فهل لم تأت خنساء العرب بأكثر من بضعة عشر بيتاً من الشعر أكثرها مداعبات ومطارحات، وهل لم تأت علية الأندلس بأكثر من عشرين بيتاً بعضها منسوب لغيرها! أقول ولعل لأن أكثر الكتب التي

<<  <  ج: ص:  >  >>