لها سمة ولا شخصية. تحاول أن تحاكي المرأة الأوربية فيأبى عليها بعد ما بين الفطرتين فتقنع من المحاكاة بظواهر ملهية، كل ما فيها من الأثر أنها تغرها من نفسها وتحرفها عن دينها وتفتنها عن الطريق القويم. وليس من الخير في شيء أن تحمل المرأة الشرقية على نسيان ماضيها، ولكن الخير كل الخير في إصلاح ذلك الماضي وتهذيبه وإحكام الاعتصام به.
تلك كلمة لا نخص هذا الإقليم من العالم الإسلامي، ولكننا نعم بها المسلمين في أقطار الأرض، فهم الآن على سَنن واحد من الحيرة في تعليم البنت وفصم ما بينها وبين الدين من صلة وأسباب، ولو أنهم اختطوا لها النهج الواضح من تاريخ المرأة العظيمة في الإسلام أيام كانت مناط الرحمة والودّ للأسرة ومغرس النبل والسموّ للولد ومعقد الحمية والعصبية للعشيرة مع تزويدها بما تقتضيه حاجة العمران من مبادئ العلوم والفنون التي تدعم كيان المنزل وتقيم نظام الحياة لو أنهم نهجو لها هذا الطريق لأوجدوا منها المرأة التي تؤلف الأسرة السعيدة والأمة المجيدة والوطن العظيم.
لقد خلقت المرأة لتكون قوة من قوى الوحي والإلهام في نفس الرجل، فهي كالروح السارية تحرك الأحياء تملأ ولا ترى، وكالعقل المنير يضيء الشعاب ولا يَحَس وكالكهرباء الدافعة تملأ الوجود ولا تدرك، هي خَلق قوام حياته الجود بالنفس والفناء في سعادة الجماعة، واحتمال الآلام المضنية والأهوال المُروعة في راحة الزوج والولد، وهي كعود الثقاب ينشر الضوء في كل شيء ثم يحترق. تلك هي
المرأة التي جعل الله السعادة بين شفتيها، وجعل الجنة تحت قدميها، وفرض لها من الطاعة في رقاب الأبناء أضعاف ما فرض للآباء. هي سر عظمة ومبعث قوتها ومشرق صفوها وسعادتها. فإذا تنكبت تلك المحجة وانحرفت عن هذا السبيل فثارت على البيت والولد وانكشفت في المجامع والأندية، وانغمرت في الملاعب والملاهي، وراحت