من صبيحة اليوم إلى أصيله في موقعة بذلت فيها المهج، وبيعت الأرواح بيع السماح ثم حمل كليب على عمرو فحال أصحابه دونه بالرماح. ويقولون إن أربعة آلاف سيف عرضت دونه فشقها كليب جميعاً حتى انتهى إلى عمر فطعنه فقصم صلبه، وحملت ربيعة في أثره، ومضر من ورائها، حتى أوقعوا بجيوش اليمن، ومزقوها كل ممزق وحرروا العرب من وسم عارها، وذل أسارها.
ولعمر أبيك ما كان مثل الزوجين في توادّهما وتآلفهما وتجاذب الودّ والولاء بينهما إلا كما قالت صفية الباهلية في رثاء زوجها:
عشنا جميعاً كغصني بانة سمقا ... حينا على خير ما تنْمى له الشجر
حتى إذا قيل قد طابت فروعهما ... وطال قنواهما واستنضر الثمر
أخنى على وإحدى ريب الزمان ولا ... يبقى الزمان على شيء ولا يذر
فاذهب وحيداً على ما كان من أثر ... فقد ذهبت فأنت السمع والبصر
وما رأيتك في قوم أسر بهم ... إلا وأنت الذي في القوم تشتهر
كنا كأنجم ليل بيننا قمر ... يجلو الدجى فهوى من بيننا القمر
وربما نادى الرجل امرأته فذكر اسمها مجرداً لأنه للود أوثق، وبالقلب ألصق، وقد يذكره مصغراً لأن ذلك أروح لنفسها وأبقى على الدلال فيها. وقد يكنى عنه بما هو من خاصة شأنها، ولِزام أمرها، فيقول: يا ربة البيت. كما يقول مُرة بن مَحْكان التميمي:
يا ربة البيت قومي غيرَ صاغرة ... ضمي إليك رِحال القوم والقربا
أو يا ربة الخدْر كما يقول:
ألم تعلمي يا ربة الخدر إنني ... أبيّ إذا رام العدوّ تهضمي