إن قلت قلت حقا. فأبى. فقالت: إن شملتك الالتفاف. وإن شربتك الاشتفاف، وإنك لتنام ليلة تخاف، وتشبع ليلة تضاف.
وحدث أبو عمر بن العلا قال: تزوج رجل من بني غدانة بامرأة من جعدة ثم وقع بين الحيين ما حمله على فراقها، فمسه من ذلك غمٌّ وأحزان، فلما اعتزمت الرحيل قال: استمعي ويستمع من حضر: أما لقد اعتمدتك برغبة، وعاشرتك بمحبة، ولم أجد عليك زلة، ولم تدخلني لك ملة، وإن كان ظاهرك لسروراً، وباطنك للهوى، ولكن القدر غالب، وليس له صارف. فقالت له المرأة مجيبة: أثنيت وأنا مثنية، فجزيت من صاحب ومصحوب خيراً، فما استربت خيرك، ولا شكوت ضيرك، ولا تمنت نفسي غيرك، وما ازددت إليك إلا شرهاً، ولا أحسست في الرجال لك شبهاً. ثم افترقا.
وحدث المدائني قال: تزوج حصْن بن خليد ببنت الورد بن الحارثثم طلقها فجاء اخوتها ليحملوها فقالت: مُروا بي على المجلس بالحي أسلم عليهم فنعم الأحماءُ كانوا. فأقبل هو وهي في قبتها فقالت: جزاكم الله خيراً، فما أكرم الجوار، وأكف الأذى! قالوا: ما الذي كان عن ملإمنا ولا هوى. فقالت اللهم إني لم أُطلق من بغض ولا قلًى فعليكم السلام.