ومنهن عُتبة بنت عفيف أم حاتم الطائي سيد سُمحاء العرب وإمام أجوادهم هتف بها الهاتف فقال لها: أغلامٌ سمح يقال له حاتم أحب غليك أم عشرة غلمة كالناس. ليوث ساعة الباس، وليس بأوغاد ولا أنكاس، فقالت: حاتم.
وأمثال هاتين كثيرات لا يحُصين عدداً.
على أثر ذلك يولد الطفل فتبدأ بتسميته - وكانت تَشرك زوجها تسمية بنيها - فإن كان وليداً تخيرت له كل صُلبٍ شديد من الأسماء يَنمي به حسُّه، وتُنبت عليه شجاعته. فمن أسمائهم: صَخر، وحَرب؛ وحَنْظلة؛ وعَلْقَمة؛ وأَسد وذئب؛ وأشباهها مما لا يشعر بوهى عند النداء؛ ولا انثناء عن الأعداء.
ومن طريف أمر التسمية وغريب أثرها ما حدَّث ابن حبيب أن أسماء بنت دُرَيْم كانت في خباءٍ لها؛ وكان بنوها يرعون بمنجاة عنها؛ فمر بها وائل بن قاسط فنظر إليها نظرة مريبة. فقالت: لعلك أسررت في نفسك مني شيئاً؟ فقال: أجل. قالت: لو دعوت سباعة لمنعتني منك وأعانتني عليك. فقال: أو تَفْهَم السباع عنك؟! قالت: نعم. ثم رفعت صوتها: يا كلب؛ يا ذئب، يا فهد؛ يا دب؛ يا سرْحان؛ يا أسد. فجاءَ بنوها يتعاوَوْن ويقولون. ما خبرك يا أماه؟ قالت: ضيفكم هذا أحسنوا قرِاه. ولم تَرَ أن تفضح نفسها عند بنيها. فذبحوا له وأطعموه. فذهب وهو كالمأخوذ عجباً مما رأى. وسمى ذلك بوادي السباع فهو اسمه منذ ذلك اليوم.