للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما البنات فيختار لهن خفيف المسمع؛ بديع الموقع من الأسماء. فمن أسمائهن حُبَّى وبَيِبة والنَّضيرة؛ وسُعدى؛ ومَيَّة؛ وأُميمة؛ ونظائرها.

إلى ذلك يأتي دور الرضاع. وهنالك تمهد طفلها لما هو أهل له من عظمة الحياة؛ فتجهد ألا يصدع سمعه شيءٌ من دنيّ الألفاظ ورَذْلها. بل تردّد له في إرضاعه ومداعبته ألفاظ الشرف والسؤدد؛ وتلقنه آيات المجد والكرم.

وللنساء في سبيل ذلك ما لا يناله العد من الأناشيد القصار؛ يُغَنَّين بها أولادهن ويرقصنهم بها؛ وفيها من غُر المكارم؛ وحُر العظائم؛ ما هو خليق بأشبال أولئك الأبطال.

ومن يقول بنت زيد الخيل وهي ترقص ولدها:

أشبه أخي أو أشْبِهنْ أباكا ... أما أبي فلن تنال ذاكا

تَقْصُرُ عن مَنَاله يداكا

ولقد يظن قصار النظر في قولها شيئاً من تعجيز الطفل وتقصير همته. على أنه من ذلك بعيد. فهو مبالغة في الإغراءِ؛ وافتنان في التشويق؛ وخليق بالغلام أن يفكر حين يستمع ذلك الكلام في منزلة جده قبل منزلة أبيه.

ومن قول فاطمة بنت أسد وهي ترقص ولدها عقيل بن أبي طالب.

أنت تكون ماجدٌ نبيل ... إذا تهب شمأل بَلِيل

ومن قول أم الفضل بنت الحارث وهي ترقص ابنها عبد الله بن عباس:

ثَكِلتُ وثكلت كبرى ... إن لم يسد فِهْراً وغيرَ فِهْر

بالحسب الوافي وبذل الوفر

وليس بفائتنا ونحن في أول عهد الأم بابنها أن نسوق إليك حديثين لاثنتين من نساءِ العرب. وستعلم من تناسق رأيهما ووثوق الصلة بينهما إلى أي

<<  <  ج: ص:  >  >>