للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لك فيما أنه سائقه إليك من الحديث لآية بالغة بما كان للمرأة يومذاك تكرمة

وتأديب:

ذلك أن الحارث بن عمرو ملك كندة خطب إلى عوف بن مُحَلِّم الشيباني ابنته؛ فلما كان يوم بنائه بها وأرادوا أن يحملوها إليه قالت لها أمها:

أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب؛ تركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل؛ ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها؛ كنت أغنى الناس عنه؛ ولكن النساء للرجال خلقن، ولهنّ خلق الرجال. . .

أي بنية: إنك فارقت بيتك الذي منحه خرجت، وعشك الذي فيه درجت، إلى رجل لم تعرفيه؛ وقرين لم تألفيه، فكوني له أمَة، يكن لك عبداً واحفظي له خصالا عشراً يكن لك ذخراً؛ أما الأولى والثانية فالخشوع له بالقناعة؛ وحسن الطاعة. وأما الثالثة والرابعة فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح وأما الخامسة والسادسة فالتفقد لوقت منامه وطعامه فإن تواتر الجوع مَلهبة؛ وتنغيص النوم مَغضبة. وأما السابعة والثامنة فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير وأما التاسعة والعاشرة فلا تعصين له أمراً ولا تفشِنّ له سرا فإنك إن خالفت أمره؛ أو غرت صدره؛ وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره.

ثم إياك والفرح بين يديه إن كان ترِحاً، والترح بين يديه إذا كان فرحا، فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً، يكن أشد ما يكون لك إكراماً، وأشد ما تكونين له موافقة؛ يكن أطول ما يكون لك مرافقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>