للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن مرجع هذين العلمين إلى الملائكة لأن رفاق الكهان والعرافين من الجن يعلو بعضهم بعضاً حتى يقاربوا السماء فيسترقوا السمع أن مما يتحدث به سكانها، والكهنة والعرافة كلمتان تكادان تترادفان. إلا أن من اللغويين من فرّق بينهما يأت الكهانة علم إدراك الماضي، والعرافة علم إدراك المستقبل.

وهذان العلمان وإن ادعاهما الرجال والنساء على سواء فإن جمهور العرب يرى

أن النساء فيهما أعمق، وأن أخبارهن أصدق، ورفاقهن من الجن أدق وأوثق.

وفي الحديث الذي أورده عليك يتبين لك رأي العرب في الكواهن ومبلغهن من علمهن:

حدث محمد بن ظَفَر في كتابه خير البُشَر بخير البَشَر فقال: رُوى أن مَرْثَدَ ابن عبد كُلالَ قفل من غزاة غزاها بغنائم عظيمة. فوفد زعماء العرب وشعراؤها وخطباؤها يهنئونه، فرفع الحجاب عن الوافدين وأوسعهم عطاءً، واشتد سروره بهم. فبينما هو كذلك إذ نام يوماً فرأى رؤيا في المنام أخافته وأذعرته وأهالته وهو نائم، فلما انتبه نسيها حتى لم يذكر منها شيئاً، وثبت في نفسه بها، فانقلبت سروره حزناً، واحتجب عن الوفود حتى أساء به الوفود الظن. ثم إنه حشر الكهان فجعل يخلو بكل كاهن كاهن، ثم يقول له أخبرني عما أريد أن أسألك فيجيبه الكاهن بأن لا علم عندي، حتى لم يدع كاهنا عَلَمِهُ إلا كان إليه منه ذلك. فتضاعف قلقه، وطال أرقه. وكانت أمه قد تكهنت، فقال له أبيت اللْعن أيها الملك! إن الكواهن أهدى إلى ما تسأل عنه، لأن أتباع الكواهن من الجان ألطف وأظرف من أتباع الكهان. فأمر مما أراد علمه. ولما يئس من طَلَبته سلا عنها. ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>