للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حليمة فهي ابنة الحارث بن أبي شَّمر ملك الشام. وكانت كأجمل أهل دهرها وأكلهم وأما يومها فذلك الذي أقصه عليك: -

استحكمت الجفوة بين المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة، والحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام، وطمع كل منهما في صاحبه، فخرج إليه بما ملك من قوة وبأس شديد. وبينا الحارث في طريقه إلى العراق قدم عليه قادم من الحيرة له نسب في الغساسنة فأخبره أن جيش المنذر لا يناله العد وأن لا طاقة له بقتاله!

فلما تراءى الجيشان على عين أُباغ أختار الحارث مائة من فتيانه كلهم شديد البأس، قوي الشكيمة، وأمرهم أن يأتوا المنذر فيفْضُوا إليه بطاعتهم وطاعة أهل الشام جميعاً، حتى إذا أنسوا منه هدواء وغرّة فنكبوا به. ثم أمر ابنته حليمة فطافت بهم فضّمختهم بالمسك جميعاً، - وكان ذلك مما أفاض عليهم حمّية وعزماً - فذهبوا إلى حيث أمروا، وقتلوا المنذر هو في العدد العديد من قومه حتى إذا سمع الحارث وجنده صيحة الظفر من فتيانهم زحفوا فتلاقوا بأعدائهم وأوقعوا بهم.

فراحوا فريق في الإسار ومثله ... قتيل ومثل لاذ بالبحر

ذلك يوم حلمة وهو من أروع أيام العرب وأهواها وحسبه على ما نريد دليلا وأما حجاب الانتقاب فلم يكن له بينهن نظام شامل ولا هيئة واحدة، ففي القبيلة الواحدة ترى اْلبَرْزة وهي التي تجلس إلى الرجال وتجاذبهم الحديث سافرة غير محجوبة والمحتشمة وهي التي ترخي قناعها إذا خرجت عن بيتها فلا تطرحه حتى تعود. وهذا وذلك شأن السن منهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>