ثم قام تاملا حسين بشرويه وقد كثر أنصار الباب وألف منهم جيشاً صغيراً قاتل جيش الشاه في مازندران وجعل الملا علي البارفروشي مقدماً وسماه حضرت
أعلى وحجبه عن الناس، وأصيب بشرويه في إحدى المعارك وأوصى جماعته بأن يطيعوا حضرت أعلى وتغلبت الحكومة على قلعتهم وقبضوا على ملا محمد وحاكموهم فقتلوهم على بكرة أبيهم. وبلغ عدد من قتل في هذه الوقائع ألفين وخمسمائة من البابية وخمسمائة من الجند وغيرهم. وحدث مثل ذلك بقيام أحد الدعاة الملا محمد علي الزنجاني في زنجان ولكنه لم يوفق. وكذلك وقع في مدينة تبريز فقاتلت حكومة فارس دعاتهم حتى أبادتهم. أما الباب فكان مسجوناً في سجن جهريق. ولما اندلع لسان الثورة في مازندران وزنجان وتبريز وقتلت الأنفس، ارتأى رئيس حكومة فارس قتله فقتله بمشورة الشاه في ٢٨ شعبان سنة ١٢٦٦هـ. ووضعت حكومة فارس في أشياعهم السيف في جميع مملكتها خصوصاً بعد أن ثبت أن الذي حاول اغتيال ناصر الدين شاه سنة ١٢٦٨ هو من شيعة البابية.
وكان من جملة العلماء الذين فتنوا بدعوة الباب رجل اسمه بهاء الله ميرزا حسين علي فلما وقعت هذه الحوادث قبض عليه وسجن ثم حوكم، وكان سفير روسيا يدافع عنه من تهمة الاتفاق مع الخارجين على الشاه، ثم أفرج عنه ونفي إلى العراق فأرسل مخفوراً بالجند الفارسي مع بعض فرسان من سفارة روسيا في طهران لئلا يغتالوا في الطريق فأقام في العراق ١٢ سنة ثم حمل إلى الآستانة ومنها إلى أدرنة فأقام فيها نحو خمس سنين ثم صدر الأمر بنفيه إلى قبرس وظل البهاء في عكا حتى وافاه أجله سنة ١٣٠٩ فدفن فيها، وخلفه ابنه عباس أفندي وكان كأبيه على غاية من حسن السنت والأخلاق وعظم النفس وبسط اليد وجمال الأدب وحسن العشرة حتى استمال بأخلاقه من يعتقد بالبابية ومن لا يعتقد. ولما توفي سنة ١٩٢٢ تفرق أمر الجماعة وانقلبوا فرقاً كما كان عباس أفندي في حياته مع صبح أزل متخاصمين متشاكسين. وسرت دعوتهم إلى عدد قليل من أبناء
الشام وإلى بعض أهل أوربا وأميركا. ويبالغون في عدد من دانوا بهذا المذهب