كان دعاة آل البيت يغدون من الحميمة وقيل: من كرار من جبال الشراة في الشام وبنو أمية غافلون عنهم وخليفة المستقبل الذي يدعى له على أيام من دار ملكهم كبعض الرعية، والناس في خراسان يصدرون عن أمره ويقدسون خلافته، وكأن الأقدار خصت الشام بقيام دولتين عظيمتين فيه الأموية والعباسية، وكانت عصبية
الأمويين أهل الشام وعرب الحجاز واليمن، وعصبية العباسيين أهل خراسان والعراق وقيس، ومن أهم العوامل في نجاح بني هاشم في دعوتهم الجديدة، اتفاقهم مع الطالبيين على هذا المقصد، وهو نزع الخلافة من بني مروان، فكان البيتان لأول الأمر كأنهما بيت واحد، ولذلك أثمرت الدعوة سريعاً.
بعد نيف وثلاثين سنة من الدعوة لأبناء العباس وربما قبل ذلك بقليل انتبه الأمويون في الشام إلى مقاصد أعدائهم، وأنهم في صدد تأسيس دولة للقضاء على دولة الأمويين، وفي ذلك دليل ظاهر على ضعف أصحاب الأخبار في أيامهم، وعلى تساهلهم وعنايتهم بتدويخ الأقاصي والغفلة عن أحوال الدواني، أبلغ ذلك مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية عامله على خراسان نصر بن سيار وقد كتب إليه:
أرى تحت الرماد وميضَ جمرٍ ... ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى ... وإن الشر مبدؤه الكلام
وقلت من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أُمية أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاءُ ملك ... وإن رقدت فإني لا أُلام
فإن يك أصبحوا وثووا نياماً ... فقل قوموا فقد حان القيام
فكتب مروان إلى عامله بدمشق الوليد بن معاوية يأمره بتوجيه أحد ثقاته إلى الحميمة أو كرار ليأتيه بإبراهيم الإمام، فحمله إلى مروان فحبسه في المحرم من سنة ١٣٢ وقتل في محبسه بعد شهرين، وعهد بالأمر بعده إلى أخيه أبي العباس عبد الله بن محمد وهو ابن الحارثية أول خلفاء بني العباس نسبة إلى جده الأعلى علي أبو محمد السجاد بن عبد الله بن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. قتل إبراهيم الإمام فكان قتله داعياً إلى التعجل بالمناداة علناً بالخلافة العباسية. وذلك أن إبراهيم الإمام لما قبض