للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآداب، فحاولت تعليمهم الإنشاء والخطابة بالعمل أكثر من النظر. ولم ترق بعض الطلبة العلامات التي نالوها في الفحص العام، وكان بعض أساتذتهم يشوقونهم من طرف خفي على رفع أصواتهم بالشكوى من المدرس ليظموا درسه إلى دروسهم، ورأى رئيس الجامعة الطبيب الكحال السيد رضى سعيد الايتوني استثمار هذه الحركة لمصلحته، ومصلحته أبداً في إقصاء الأكفياء أرباب الإرادات المستقلة من تدريس الجامعة، فقام مدفوعاً أيضاً بيد رئيس الحكومة إذ ذاك السيد صبحي بركات. وكان هذا مغيظاً محنقاً من صاحب الترجمة لأن جريدة المقتبس لم تمالئه على خطبته، وصعب علي أن أترضاه، ولو بأن أذكر له على الأقل أن لا علاقة لي بالمقتبس منذ مدة طويلة،

وأنني لا أديره ولا أحرره ولا ينطق بلساني.

وكانت المؤامرة فاستكتب رئيس الجامعة عض الصحف للنيل مني، وأعطاها فيما قيل دراهم لتكتب له المطاعن على علي بما يفيد في تنحيتي. ومن الرسائل ما كتبه له بعض مستخدميه ممن كان يغطي عن سراقته في مدرسة الطب مقابل هذا التطوع في خدمة أغراضه، ومنهم طلبة مقصرون في دروسهم كافئهم على ما نشروه له من الطعن بي بأن منحهم شهادة الطب، ومعذرته أنه في حاجة إلى من يحسن من جماعته كتابة سطرين بالعربية، لأنه هو ورئيس الحكومة ابن بركات لا يحسنان كتابة سطر واحد، وإذا قرأ أو قرئ عليهما كلام عربي لا يفهمانه بحال. وهكذا جمع رئيس الجامعة بعض الطلبة المقصرين في دروسهم في دار أحد من يدهنون له من أطباء مدرسته، ولقنوهم كيف يجرئون على الشكوى من الدرس ويكتبون محضراً بهذا الطب، ومن لم يوقعه من الطلبة يهدد بما يخاف منه على مستقبله. وأخيراً تقرر إرسال بضعة من طلبة مدرسة الطب إلى درس الخطابة في دار الحقوق لينادوا بإسقاط خمسة من الأساتذة من جملتهم مدرس الآداب العربية، وخطب بحضوري أحد الطلبة، وهو أبن أحد أخصاء رئيس الحكومة خطبة لقنها، وكوفئ عليها بعد هو ووالده، فخرجت من المدرسة على أن لا أعود إليها، وتم لبعض الأساتيذ ما أرادوه، فاستأثروا بأكثر الدروس الشاغرة، ولم يعد من المخطوب فيهم إلا واحد وهو مدير المعهد السيد عبد القادر العظم الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>