قتل أبو الجيش. ولما بويع هارون بن أبي الجيش، ولى طغج دمشق وطبرية، وتولى طغج قتال صاحب الخال القرمطي سنة تسعين ومائتين إلى أن ظفر به. وكان لطغج من الولد سبعة ذكور الإخشيد أحدهم.
ولم يزل طغج على دمشق وطبرية وابنه محمد المعروف بالإخشيد يخلفه على طبرية. وكان بطبرية أبو الطيب محمد بن أبي حمزة العلوي، وكان وجه طبرية شرفا وملكا وقوة وعفافا. فكتب الإخشيد إلى أبيه طغج يذكر له أنه ليس له أمر ولا نهي مع أبي الطيب العلوي، فكتب إليه أبوه: أعز نفسك. فأسرى محمد بن طغج على أبي الطيب في بستان له فقتله. ولم يزل طغج أيام أبي الجيش على دمشق وطبرية وأيام جيش وأيام هارون ابن أبي الجيش إلى أن قتل هارون وانقرضت الدولة الطولونية. فمات طغج في حبس العباس بن المحسن وزير العباسيين، ونجا من محبسه بعد مدة ابنه الإخشيد، وهرب إلى الشام قاصدا أحمد بن بسطام عاملها، وبقي معه يخدمه ثم تقلد ابن بسطام مصر فسار معه الإخشيد، وكان معه إلى أن توفي سنة سبع وتسعين ومائتين، فصار مع ابنه أبي القاسم علي وحضر الإخشيد مع تكين الخاص وقعة حسن فيها أثره، فولاه تكين عمَّان وجبل الشراة. واتفق له وهو على عمان والشراة في سنة ٣٠٦ أن حاج الشام، وفيهم جماعة من أهل العراق قعد له جمع من لخم وجذام فجمع عسكره ولقيهم ومعه أخوه علي بن طغج فهزمهم فصار له شأن في العراق وذاعت كفايته وأمانته.
وتقلد محمد بن طغج الملقب بالإخشيد مصر من جهة الراضي، وكان قبل ذلك تولى مدينة الرملة سنة ٣١٦ من جهة المقتدر وأقام بها إلى سنة ٣١٨ فوردت إليه كتب المقتدر بولايته دمشق فسار إليها وتولاها، وكان حينئذ المتولي على مصر أحمد بن كيغلغ، فلما تولى الراضي عزل أحمد بن كيغلغ وولى ابن طغج مصر وضم إليها البلاد الشامية، فاستقر ابن طغج بها سنة ٣٢٣ وما نشب - وهو يتولى أعمال المعاون في الشام علاوة على أعمال المعاون في مصر، وقلد بدراً الخرشني دمشق، وأحمد بن سعيد الكلابي شيخ قبيلة بني كلاب حلب، حتى كثر بذلك الكلابيون