منهم أحد، ويبقى المنتظر به، افعلوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فإنا بالله مستجيرون، وثقوا بقدرتكم وسلطانكم فإنا بالله واثقون، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قالوا: وقد بقي الإخشيد بعد سماع هذه الرقعة في فكر، وسافر إلى دمشق فمات فيها سنة ٣٣٤ ولم تطل دولته غير سنتين، فهو في الحقيقة مؤسسها سنة ٣٢٣ وأيام حكمه من حيث المجموع كانت إحدى عشرة سنة سافر فيها خمس مرات من مصر إلى أعداء يقاتلهم. لما زحف عليه سيف الدولة بن حمدان فخف إليه واقتتلا بقنسرين ثم اصطلحا وتصاهرا وتقاربا.
وفي أواخر أيام الإخشيديين ٣٥٢ خرج في برية الشراة خارجي من بني سليم يسمى محمد بن أحمد السلمي، واجتمع إليه خلق كثير من العرب ومن غيرهم ومن أهل الطمع، وقوي أمره وكثر جمعه، فبلّغ كافور الإخشيد خبره وكان الشام يومئذ بيده، فأنفذ عسكراً خوفاً من حادث يحدث، وتقدم إلى أصحابه أن لا يبتدئوه بحرب ولا قتال، وطال مقامه وإياهم على تلك الحال، فأسرى إليه في بعض الليالي رجل من العرب يعرف بثمال الخفاجي من بني عقيل وأخذه أسيراً وحمله إلى مصر فشهر بها راكباً فيلاً، واعتقل مدة ثم عفي عنه وخلي سبيله.
ولما تفرد كافور بالأمر ٣٥٥ جعل الحسن بن عبيد الله بن طغج على الشام مستخلفاً من قبله، وكان في بيت المقدس وال يعرف بمحمد ابن إسماعيل الصنهاجي اضطهد بطريق القدس، وكان أبي مقابلته فهجم عليه الوالي في أشياعه وأحرق أبواب كنيسة القيامة، وسقطت قبتها، ونهبوا كنيسة صهيون وأحرقوها. قال ابن بطريق: وهدم اليهود وخربوا أكثر من المسلمين، ثم قتل البطريق ولما مات كافور ٣٥٦ ونصب مكانه أحمد بن علي الإخشيد، وكان عمره إحدى عشرة
سنة، على أن يخلفه ابن عم أبيه الحسن بن عبيد الله بن طغج وكان بالشام، فوقع الخلاف بين الإخشيدية، وصار كل واحد يتسمى بالأمير وكثر التحاسد، فكتب جماعة منهم إلى المعز الفاطمي صاحب المغرب يستدعون منه إنفاذ