ألف نسمة، واليهود كالعرب لم ينجوا من الذبح أيضاً، فوضع الصليبيون النار في المذبح الذي لجأ إليه أبناء إسرائيل وأهلكوهم كلهم بالنار.
ذكر ابن خلكان أن الأفضل كات تسلم القدس من سقمان بن أُرتق وولى فيه من قبله فلم يكن لمن فيه طاقة بالفرنج فتسلموه منهم، ولو كان في يد الأرتقية لكان أصلح للمسلمين. وكان الأفضل راسل الأمير سقمان وإيلغازي ابني أُرتق ليسلماه بيت المقدس بدون حرب فلم يجيباه، فقاتل البلد ونصب عليها المجانيق وهدم منها جانباً فلم يجد بداً من الإذعان له فسلماه إليه، وكان الأمير أتسز بن أُوق الخوارزمي انتزع القدس من يد المصريين سنة نيف وستين وأربعمائة قبل ملكه دمشق، ثم لما كسر بمصر سنة ٤٦٩ قام على أصحابه فئة فأخرجوهم ثم أعاد
الدعوة العباسية، ولم يزل القدس بيده إلى أن قتله تاج الدولة تتش بن أرسلان سنة ٤٧٢ ثم انتزعه تاج الدولة سنة ٤٧٤ ثم سلمه إلى الأمير ظهير الدين أُرتق أواخر سنة ٤٧٨ فعمره وأسكن به ولده، ولم يزالوا به إلى سنة ٤٩١ حتى تسلمه المصريون. وجاء الأفضل وقد فات الأمر فانضاف إليه عساكر الساحل، ونزل بظاهر عسقلان منتظراً وصول الأسطول في البحر، فنهض عسكر الفرنج إليه وهجموا عليه في خلق عظيم، فانهزم العسكر المصري إلى ناحية عسقلان ودخل الفرنج إليها، وتمكنت سيوفهم من المسلمين، فأتى القتل على الرجالة والمطوعة وأهل البلد، وكانوا زهاء عشرة آلاف نفس ونُهب العسكر الإسلامي، وتوجه الأفضل في خواصه إلى مصر، وضايقوا عسقلان فقتل من أهلها وغيرهم سوى أجنادها ألفان وخمسمائة نفس.
ولما توغل الصليبيون في الشام، وكانوا في كل بلد يدخلونه يقتلون أهله، ويخربون عمرانه، ويحرقون كتبه ومتاعه وآثاره، هام الناس على وجوههم في البراري ومنهم من قصد إلى داخلية الشام، ومنهم من فرَّ إلى مصر على حالة رثة. وفي سنة ٤٨٥ ملك الفرنج ما حول بيت المقدس مثل صور وعكا والرملة ويافا، أما بقية الساحل كطرابلس وبيروت واللاذقية فبقيت تقاوم إلى حدود سنة ٥٠٠ معتصمة وراء أسوارها محصورة في بقعة ضيقة من أرباضها، معتمدة على معاونة الفاطميين لها من البحر.