ماردين التركمان وغيرهم والتقى مع الفرنج عند دانيث البقل وجرى بينهم قتال شديد انتصر فيه صاحب ماردين وانهزم الفرنج. ووصل كندهري ملك الفرنج في المراكب، وملك أكثر المعاقل، ووقعت الهدنة بين صاحب حلب وبين الفرنج وتقررت المسالمة، وقيل: إن جوسلين أغار على العرب والتركمان النازلين بصفين قرب قرية جعبر على الفرات وغنم منهم وفي عوده خرب حصن بزاعة.
وأغار كندهري على أذرعات وأطراف دمشق وكان صاحبها بالبثنية فبعث بولده بوري مع الجيش وأقام هو موضعه ردءً له فالتقوا فظهر الفرنج على بوري، فعاد إلى أبيه ودخلا دمشق، ومضى طغتكين إلى حلب مستصرخاً بنجم الدين إيلغازي وكان أول ما ملكها فأقام عنده وشرع بجمع العساكر، واغتنمت الفرنج غيبته فقصدوا دمشق، ووصلوا إلى حوران فالتجأ أهله إلى اللجاة، فتأثرهم الفرنج إلى وعرة اللجاة فقتلوا وأسروا، ولما بلغ أهل إنطاكية هذا جمعوا وحشدوا وقصدوا حلب في خمسة آلاف فارس وثمانية آلاف راجل فخرج إيلغازي وعمل كميناً، فلما التقى الفريقان ظهر الكمين وضربوا البوقات والطبول فظنوه صاحب دمشق قادماً من ورائهم، وكان نجم الدين إيلغازي أشاع أن طغتكين واصل من دمشق وما كان إلا جريدة عنده فانهزم الفرنج وعمل فيهم السيف قتلاً وأسراً.
وفي سنة ٥١٤ نهض الأمير معن من البقاع بعشيرته ورهطه ونزل في جبل الشوف، وكان قفراً خالياً من السكان، وجعل له مودة مع آل تنوخ أمراء عرب جبل لبنان، وكان أميرهم إذ ذاك الأمير بحتر التنوخي فبنى له ولخاصته دوراً ليستعيض بها الأمير معن عن المضارب، وأخذ يقصد دياره أهل كل ديار استولت عليها الفرنج وبقي أميراً فيه نحو ثلاثين سنة وهو أصل الأمراء آل معن وإليه ينتسبون. وصار الجبل ينسب إليهم فيقال جبل بيت معن كما يقال جبل بني عوف وجبل بني هلال.
وكان بين نور الدين بلك بن أرتق ٥١٥ وبين جوسلين على