الأيام مكتوبا أو مطبوعا على ورق، أو مزبورا على حجر وآجر وبردي ورق.
لا جرم أن موضوع الخطط موضوع جليل، تتعين الإحاطة به على كل من يحب أن يعرف أرضه ليخدمها، ويستفيد منها، وأحق الناس بمعرفة بلد أهله وجيرانه. ومن لم يرزق حظا من الاطلاع على ما حوى موطنه من الخيرات، وما أتاه أجداده من الأعمال، لا ينهض بما يجب عليه ليؤثر الأثر النافع في الحال والمآل، ومن أجدر من الأبناء والأحفاد، بالرجوع إلى سجلات الآباء والأجداد، وكيف يحب المرء بلدا لا يعرفه، ويحرص على سعادته ليسعد هو فيه، وهو لا علم عنده بما تعاقب عليه حتى صار إلى ما صار إليه، وهل يُفهم الحاضر بغير العابر،
وهل تنشأُ في الأمة روح وطنية إذا لم تدرس تاريخها حق الدراسة.
كتب الغربيون في آثار هذا القطر وعمرانه وتاريخه واقتصادياته وعادياته أحمالا من الكتب بلغاتهم، وقلما نشرت كتب جامعة لأحد أبنائنا بلغتنا وعلى نهجنا. واستنفض الغربيون كل بقعة من بقاعنا، ومدينة من مدننا، وبادية من بوادينا، ومنهم من أجاد وأفاد، مما يسجل ويا للأسف علمهم بنا، وجهلنا حتى بأرضنا، ويكفي أن يقال إن علماء الغرب وسياحهم صنفوا بين سنتي ١٨٠٥ - ١٩٠٣م خمسة وتسعين كتابا فقط في آثار سلع أو البتراء وادي موسى على حين قلّ جدا في الشاميين أنفسهم من زاروا هذه الخرائب المهمة، ومنهم من لم يسمع باسمها.
أخذت مما ظفرت به من الكتب الإفرنجية، وعُنيت أشد العناية بالرجوع إلى ما كتبه الأسلاف في هذا الشأن، على تفرقه، واعتمدت على مؤلفي العرب خاصة لأن كل أمة أعرف على الغالب بحالتها من غيرها، فإن بحث علماء الإفرنج في تاريخ هذا القطر قبل الإسلام، ونبشوا عادياته ومصانعه، وحلوا لغاته ولهجاته، فتاريخه بعد هذا العهد أقرب إلى أن يكون علماؤنا مرجعا فيه، فقد قيل قتل أرضاً عالمها.
جاء الكلام ناقصا في بعض الأدوار المتأخرة، وعُمي عليَّ بعض