ثم نودي في دمشق بالأمان سنة ٩٢٧ وقد خرب نحو ثلثها من ضياع وحارات وأسواق وبيوت، وأصاب حلب وحماة وحمص من خراب القرى وهلاك الأنفس وذهاب الأموال شيء كثير.
كان الغزالي لما جاء دمشق مهزوماً من الجيش العثماني قتل خمسة آلاف انكشاري جعلهم السلطان سليم حامية عندما فتحها، وذلك مخافة أن يلتحقوا بجيش فرهاد باشا فأولم لهم وليمة وقتلهم على بكرة أبيهم شر قتلة. ثم دارت الدائرة عليه
وتشتت جيشه فقتله خازن أمواله وجاء برأسه إلى القائد التركي، فذهب ودولته الموهومة لم ينل الشام منه إلا الضغط والشدة بعدها.
قال المقار: إن الغزالي استولى على دمشق وطرابلس وحمص وحماة وحلب وخطب له بالجامع الأموي بأنه سلطان الحرمين الشريفين ولقب بالأشرف، وأن الدولة أرسلت عليه جيشاً من ثلاثين ألفاً وأربعة آلاف انكشاري ومعهم مائة وثمانون عربة، فالتقى عسكره وعسكرها عند قرية الدوير، وتواصل العسكر الرومي وركب السلطان من المصطبة ببقية عسكره فما كان لحظة حتى انكسر وقطع رأسه، ثم تلاحق العسكر الرومي ببقية العسكر الهاربين إلى الصالحية ونواحي دمشق وارتجف الناس رجفة عظيمة وقتل من شباب الصالحية نحو الخمسين ومن كل حارة نحو المائة وكذا من القرى، وقيل: إن عدد القتلى ٧٠٧٠، وهجم العسكر على الصالحية والأحياء والقرى، فكسروا الأبواب وحواصلها وبيوتها ودكاكينها وغير ذلك وآذوا النساء فضلاً عن الرجال فلم يحترموا صوفياً ولا فقهياً ولا كبيراً، وكانت النساء قد اجتمعن بجامع الحنابلة ومدرسة أبي عمر وغيرهما فهجموا عليهن وعروهن وأخذوا بعض نساء وجوارٍ وعبيد وصبيان، وجهز الباشا رأس الغزالي ومعه نحو ألف أذن من المقتولين إلى السلطان سليمان. وبعد هذه الوقعة اقتسم العثمانيون نيابات الشام فجعل إياس باشا في دمشق، وفرحات بك في طرابلس، وقره موسى في غزة. أما فرهاد باشا فاتح الشام ثانية ومنقذها من الغزالي فقد ضج الناس من شدته وبأسه وتمثيله بالبريء والمجرم على السواء.