أشكر من يسعى لي بجلب الأموال من غير حلها بل أغضب عليه، وهاأنذا أشهد الله وملائكته ورسوله عليّ وعليكم بهذا جميعه، وأنا بريء الذمة من كل ما تفعلونه في هذه الدنيا وفي الآخرة، فهل تقبلون بشرطي هذا كي أسلمكم زمام أموري وأريح فكري، فأجابوه: نعم قبلنا وسمعنا وأطعنا فحينئذ قال لهم: وأنا سلمتكم مصلحتي بتمامها تصرفوا بها بحسب صداقتكم، وقد توكلت على الله وهو نعم الوكيل. كلام أشبه بكلام عمر بن عبد العزيز لأناس من حاشيته من زهاد التابعين وتابعي التابعين!
وفي سنة ١٢٢٦ حدثت فتنة بين الدروز القانطين في الجبل الأعلى من عمل حلب وبين أهالي تلك الأرجاء وجرت بينهم وقائع فاتفق جميع أهل تلك الأطراف فأرسلوا يستشفعون بالأمير بشير فكتب إلى حكام حلب، وأرسل مباشرين لإحضار الدروز من هناك وكانوا أربعمائة بيت وأعطاهم مائة ألف درهم لمعاشهم.
وكثير ما كان يجري الخلاف في دمشق بين آغا القلعة والوالي فيعتصم الآغا وجماعته في القلعة ويشرع بإطلاق الرصاص والبارود والمدافع على جماعة الوالي ويصيب الأهالي من ذلك خطوب جسيمة كما وقع سنة ١٢٢٧ فأخذ عسكر الوالي يحيط بالقلعة ويطلق من المآذن المجاورة النار عليها والجنود يطلقون النيران، ودام ضرب المدافع والحصار الشديد ليلاً ونهاراً بلا فتور، وقتل أُناس خارج القلعة واحترقت بعض الأماكن، ثم وضع عسكر الوالي سلالم ودخلوا القلعة من سورها وجرت المذبحة بين المحاصرين والمحصورين ونهب عسكر الوالي القلعة، وكان من يذهب قتلاً من الجند على نسبة من يقتل من الرعية. والقلاع آية
البلاء على الرعية ولا ينتفع بها عند الاقتضاء إلا الوالي أو المتغلب انتفاعاً موقتاً.
ومن الولاة الذين ملأوا حلب وأرجاءها ظلماً ابن جبار جلال الدين باشا ١٢٢٧ كان مثلاً في المصادرات وقتل من يأبى إعطاء المال ولا يكاد يمضي يوم إلا ويقتل إنساناً وقد احتال على ثمانية عشر شخصاً من رؤساء الإنكشارية في حلب وأهلكهم فسكنت الفتن قليلاً وقطع من أوصال الإنكشارية وقبض على القياد بشدته وقلة ذمته في إهراق الدماء وروى في أعلام النبلاء أن