الذين انفرط عقد اجتماعهم فزحف العثمانيون على أدرنة فاستعادوها إلى الملك العثماني، ولم يبق للدولة في أرض أوربا غير ولاية أدرنة وما إليها من ضواحي الإستانة، وانسلخت عنها هذه المرة ولايات قوصوة وإشقودرة ويانيا ومناستر وسلانيك وعادت الحرب فنشبت بين العثمانيين والبلقانيين في ١٧ تشرين الأول ١٩١٢ وعقد الصلح في ٢٩ أيلول ١٩١٣ وقد فقدت العثمانية في هذه الحرب مائة ألف جندي بين قتيل وجريح وثمانين مليون ليرة ثمن ذخائر وسلاح، وخرجت من الروم ايلي وكانت صرفت في فتحه خمسين سنة وحكمته خمسمائة سنة ولم توفق إلى نشر لغتها ودينها فيه على ما يجب.
وفي سنة ١٩١٣ اتحد جماعة من السوريين بينهم اللبنانيون النصارى والمسلمون على مطالبة الدولة بإصلاح الشام. وكتب والي بيروت أدهم بك إلى الصدر كامل باشا كتاباً قال فيه: كانون الأول ١٩١٢ تتجاذب القطر عوامل مختلفة، ولقد ولى قسم عظيم من الأهالي وجهه شطر إنكلترا أو فرنسا لإصلاح الحالة التعسة التي هم فيها فإذا نحن لم نأخذ بالإصلاح الحقيقي يخرج من يدنا لا محالة ١هـ. فأرسل الصدر إلى الوالي يريد الأهلين على عرض مطالبهم، فاجتمع المجلس العام في بيروت وانتخب ٩٠ عضواً عقدوا جلستهم الأولى في ١٢ كانون الثاني سنة ١٩١٣ واختارت من أعضائها خمسة وعشرين مفوضاً سمتهم اللجنة الدائمة، وقدمت هذه بياناً بالإصلاحات المنشودة، واتفق على ذلك أعيان المسلمين والمسيحيين فوضعت اللجنة في بيروت لائحة أهم ما فيها توسيع سلطة المجالس العمومية وتعيين مستشارين أجانب. وفي أوائل الصيف ذهب وفد من البيروتيين وغيرهم إلى باريز وعقدوا هناك مؤتمراً قرر يوم ٢١ حزيران سنة ١٩١٣ أن تضمن للعرب حقوقهم السياسية، وذلك بأن يشتركوا في الإدارة المركزية للمملكة اشتراكاً فعلياً، وأن تنشأ في كل ولاية عربية إدارة مركزية تنظر في حاجاتها وعاداتها، وان تنفذ لائحة الإصلاحات التي نظمت في بيروت القائلة بتوسيع سلطة المجالس العمومية وتعيين مستشارين أجانب، وأن تعتبر اللغة العربية في مجلس النواب العثماني، وتكون لغة رسمية في الولايات العربية، وأن تجعل الخدمة العسكرية محلية في الولايات العربية.
فخاف الاتحاديون العاقبة وبعثوا أُناساً من قبلهم وقبض واليهم في بيروت