فاضلاً في العلوم الرياضية فعمل له كرة من الخشب مدهونة، ورسم فيها جميع الكواكب المرصودة. وذكر ابن قاضي شهبة أن علي بن محمد بن صالح الرسام عالم صفد المتوفى سنة ٧٤٩ هـ كان في أول أمره يرسم القماش وقال: إن عنده كتاباً في علم الفلك صورت فيه جميع الأبراج والنجوم بليقتي الكتاب أي بالأحمر والأسود تحت كل صورة أرجوزة بتعريفها. قال القاضي جمال الدين ابن واصل: وساعدت الشيخ علم الدين على عملها وكان المظفر يحضر ونحن نرسمها ويسألنا عن مواضع دقيقة منها. وقد اطلع مؤلف كتاب نهر الذهب على مخطوط في وصف شجرة الإفادة التي كانت في الجامع الأموي بحلب وتعد من الذخائر النفيسة العلمية قال: إنها كانت عظيمة الرواء مصنوعة من حجر ونحاس وحديد ذات خطوط وجداول في أصول العلوم الرياضية شبيهة بشجرة ذات جذع وأغصان وأوراق عظيمة في كل ورقة منها أصل من أصول تلك العلوم. وكان الطلبة يقدمون حلب من القاصية للاشتغال بالعلوم الرياضية المرسومة في هذه الشجرة. واسم غارس شجرة الإفادة خليل بن أحمد غرس الدين على ما في در الحبب.
ويدخل في باب النقش والصنائع الغريبة ما رواه المقدسي في حوادث سنة ٩٩٠ يوم عُمل ختان ابن درويش باشا والي دمشق، فإنهم صنعوا شيئاً يسمى النقل بجامع المصلى وبجامع ايلخان خارج محلة القراونة وبجامع التوبة، وهو يشتمل
على أربع عشرة قلعة من الورق المحشو بالبارود وأربع عشرة فرساً وأربعة عشر عفريتاً كذلك، وعلى صور طيور ووحوش وكلاب وغي ذلك، وعل قصر عظيم من الشمع الملون المشتمل على صورة أنواع الفواكه والبقول والأزهار والأطيار وغيرها كل ذلك من الشموع المصبغة والتذهيب والتفضيض، وكان ارتفاعه على علو الجملون الذي بجامع المصلى بحيث لم يتأت نقله منه وإخراجه إلا بعد فك الجملون المذكور، وهدم قوس أحد أبواب الجامع المذكور وهدم مواضع متعددة في طريقه إلى دار السعادة، وهدم الحائط الشرقي من باب دار السعادة أيضاً حتى أُدخل، وكان لهذا النقل يوم مشهود خرج للفرجة عليه جميع أهل دمشق رجالاً ونساء لم يتخلف أحد. ثم في اليوم الثاني منه نقل النقل الذي صنع بجامع محلة القراونة وبجامع التوبة وهو يشتمل على قصرين عظيمين من