ولعل من أهم ما يُميز رسالة المسجد التربوية في المجتمع المسلم أنه يُعطي التربية الإسلامية هويةً مميزةً لها عن غيرها، وأنه مكانٌ للتعليم والتوعية الشاملة، التي يُفيد منها جميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم، وأعمارهم، وثقافاتهم، وأجناسهم؛ إضافةً إلى فضل التعلم في المسجد، وما يترتب على ذلك من عظيم الأجر وجزيل الثواب.
* ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده»(١).
وللمسجد أثر كبير على النشء وخاصة إذا تعودوا منذ صغرهم على ارتياد المساجد بصحبة آبائهم، فالمسجد محضن تربوي ذو أثر عظيم يحافظ على الفطرة وينمي الموهبة ويربط النشء بربه من أول ظهور الإدراك وعلامات التمييز، ويطبع فيه المثل والقيم والصلاح بتأثير من الصالحين والأخيار ورواد المساجد من خلال المشاهدة والقدوة.
كما يقوم المسجد بتدريب الناشئ على النظام ويعلمه كيف يتعامل مع الآخرين من خلال المشاركة الاجتماعية والاختلاط بفئات المجتمع، فينشأ على الأخلاق الفاضلة والمبادئ السامية والشجاعة، لأنه يختلط بالكبار ولا يهابهم ويتعلم الاطمئنان النفسي ويتربى على النظام من خلال الصفوف المتراصة للصلاة، فيكون انطباعًا في نفسه على حبّ الترتيب والنظام، ويشهد
(١) مسلم (٢٦٩٩)، وابن ماجه (٢٢٥/ ١)، وينظر: مقدمة في التربية الإسلامية. أبو عرَّاد-مرجع سابق، بتصرف يسيرٍ.