طاعة المأموم لإمامه، ويرى احترام الصغير للكبير، فتكبر هذه المفاهيم وتشب معه، وكانت صلة الأطفال الصغار بالمسجد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. صلة قوية وثيقة نماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ونماها الخلفاء الراشدون من بعده وأصحابه من خلال أفعالهم وتوجيهاتهم -رضي الله عنهم- أجمعين. وعندما يأخذ المسجد مكانه الملائم الذي بُنِيَ من أجله وأراده الله له، يصبح من أعظم المؤثرات التربوية في تربية الأطفال والناشئين وتكوينهم، حيث يرون الراشدين مجتمعين على طاعة الله وعبادته، فينمو في نفوسهم الشعور بالمجتمع المسلم والاعتزاز بالجماعة المسلمة، وفيه يسمعون الخطب والدروس العلمية فيبدأون بوعي العقيدة الإسلامية، وفهم هدفهم من الحياة وما أعدهم الله له في الدنيا والآخرة، وفيه يتعلمون القرآن ويرتلونه فيجمعون بين النمو العقلي والفكري بتعلم القرآن الكريم والنمو الروحي والارتباط بخالقهم، وفيه يتعلمون الحديث والفقه وكل ما يحتاجونه من نظم الحياة الاجتماعية، كما أراد الله أن ينظمها للإنسان. فالمسجد يعلم الناشئين أن كل أمور الحياة تابعة للارتباط بالله وإخلاص العبودية له -سبحانه وتعالى- وينغرس هذا المعنى في نفوسهم عفوًا من غير قصد ولا تكلف، وفي الصلاة تتجسد كثير من مزايا الأخلاق التي تصوغ شخصية المسلم السوية، ومن ذلك قيمة العزة التي تجسد أسمى معاني الأخلاق، وكذلك صفة الرحمة، وهي الصفة التي اختارها الله لعباده دون سائر صفاته في فاتحة الكتاب (الرحمن الرحيم)، فيبتعد النشء عن الرياء والسمعة والكذب وتناقض الفعل والقول، وقد بقي تعلم القرآن الكريم في الكتاتيب والمساجد إلى عهد قريب هو الوسيلة لتعلم القراءة والكتابة في كثير من البلاد الإسلامية، فكان الناشئة قبل