انتشار المدارس الحديثة يتقنون قراءة القرآن الكريم، فيتعلمون القراءة من خلال تعرفهم إلى صور الكلمات المكتوبة مقترنة بألفاظها المنطوقة، وكانوا بعد هذه القراءة الأولى، يكتبون القسم الذي قرأوه على ألواح خشبية يحاكون رسمه في المصحف وكلما كتبوا جزءًا يناسب مقدرتهم عادوا فأتقنوا تلاوته وحفظه ثم ينتقلون إلى غيره وهكذا حتى يتموا حفظ جميع القرآن الكريم عن ظهر قلب، فالمسجد يؤدي وظيفتي العبادة والتربية دون تمييز واضح بينهما.
ومما يذكر أنه ضاقت المساجد بالصبيان، حتى اضطر الضحاك بن مزاحم معلمهم ومؤدبهم أن يطوف عليهم بدابته ليشرف عليهم وقد بلغ عددهم ثلاثة آلاف صبي وكان لا يأخذ أجرًا على عمله.
إن تردد الناشئ على المساجد منذ نعومة أظفاره يجعله ينمو نموًّا لا مشاكل فيه ولا تعقيد أمامه ولا اضطراب في نفسه ويثبت قلبه على الإيمان لأن مرحلة التربية في الصغر من أخطر المراحل في حياته، وعند بلوغه يكون قد حُصن فؤادُهُ وثبت يقينُهُ فلا قلق ولا اختلال ولا أوهام لأنه في المسجد يجد المناخ الطيب والجو الديني والمجتمع الطاهر، فتتأصل في نفسه أمور العبادة وآداب التعامل وشدة المراقبة لله فيكون عضوًا سليمًا في مجتمعه وتصدق فيه بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه-: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» فذكر منهم: «شاب