للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسْلِمينَ فِي ذَلِكَ، فَبَايَعَهُ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ أجْمَعُونَ، وَرَضُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ قَهْرٍ، وَلا اضّطهادٍ، فَلَّمَا حَضَرَ عُمْرَ الْمَوْتَ جَعَلَ الأمْرَ إِلَى شُورَى سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أصْحَابِ رَسول الله مِنْ أهْلِ بَيْتِ رسول الله وَأصْحَابَهُ والحواريين، وَلَمْ يَألُ النَّصِيحَةَ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ وَللمؤمنين جهده، وَكَرِهَ عُمَرُ أنْ يُوَّلِي مِنْهُمْ رَجُلًا فَلا تَكُونُ إِسَاءَةً إِلا لَحِقَتْ عُمَرَ فِي قَبْرِهِ، فَاخْتَارَ أهْل الشُّورَى عُثمان بن عفان، فَبَايَعَهُ أصْحَابُ رسول الله أجمَعُونَ والتَّابِعُونَ لَهُمِ بِإِحْسَانٍ، وَرَضُوا بِهِ مِنٌ غَيْرِ قهر ولا اضّطهادٍ. قَالَ جَعْفَرُ بن بُرْقان، وَمُحَمّدُ بن يزيد الرُقيان: قال ميمون بن مهران: فَلَمْ يزل النَّاس عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُسْتَقِيمينَ، كَلِمَتُهُم وَاحِدةٍ وَدَعْوَاهُم جَمَاعَة حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانَ بن عفان، قال كثيرُ بن مَروان: فَقُلْتُ لِجَعْفَرَ بن بُرْقان: فَمَا الَّذِي نَقَمُوا علَى عثمان؟

قال جعفر قال ميمون: إِنَّ أنَاسًا أنْكَرُوا عَلَى عُثْمَانَ جَاءُوا بِمَا هُوَ أنْكَرُ مِنْهُ. أنْكَرُوا عَلَيْهِ أمْرًا هم فِيْهِ كذبة، وإنَّهُمْ عَاتَبُوهُ فَكَانَ فيمَا عَاتَبُوهُ: أنَّهُ وَلَّى رَجُلًا مِنْ أهْلِ بَيْتِهِ فَعَاتَبَهُم وأرْضَاهُمْ وَعَزَلَ مَنْ كَرِهُوا، وَاسْتَعْمَلَ مَنْ أَرَادُوا. ثُمَّ إِنَّ فُسّاقًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وسُفهاءَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينةِ دَعَاهُم أَشْقَاهُم إِلَى قَتْلِ عُثْمَانَ فَدَخَلُوا عَلَيْه مَنْزِلَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ مَعَهُ مُصْحَفٌ، يَتْلُو فِيْهِ كِتَابَ اللهِ، وَمَعَهُمْ السِّلاح فَقَتَلُوهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا. وإنَّ النَّاسَ افْتَرَقُوا عَلَى قتله عَلَى أرْبَعِ فِرَقٍ، ثُمَّ فُصِلَ مِنْهُم صِنْفٌ أخرُ فَصَارُوا خَمْسَةُ أصْنَافٍ: شِيْعَةُ عُثْمَانَ، وَشِيْعَةُ عَلِيّ، وَالمرجئة، وَمَنْ لَزَمَ الْجَمَاعَة، ثم خَرَجَتْ الْخَوَارِجُ بَعْدَ أن حَكّمَ عَلِيّ الْحَكَمَيْنِ فَصَارُوا خَمْسَة أصْنَافٍ: فَأَمَّا شِيْعَة عُثْمَانَ: فَأهْلُ الشَّام، وَأَهْلُ الْبَصْرَةَ. قَالَ أهلُ البصرة: لَيْسَ أحَدٌ أَوْلَى بِطَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ مِنْ طَلْحَة، وَالزُّبير لأنَّهُمَا مِنْ أهْلِ الشُّورَى.

وَقَالَ أهل الشّام: لَيْسَ أحَدٌ أوْلَى بِطَلَبِ دَمِ عُثمانَ مِنْ أسْرَةِ عُثمانَ وقَرَابَتِهِ، وَلا أقْوَى عَلَى ذَلِكَ -يَعْنُونَ مُعَاويَةَ- وَإِنَّهُم جميعًا بَرِءُوا مِنْ علي وَشِيْعَتِهِ. وأما شِيعة عَليّ: فَهُم أهْلُ الْكُوفة. وأمَّا الْمُرْجئة: فَهُم الشكاك الَّذِين شَكُّو، وَكَانُوا فِي المغازي، فَلمَّا قَدِمُوا الْمَدينة بَعْدَ قَتْل عُثْمَانَ، وَكَانَ عهدهم بالنَّاس وَأمْرُهُم وَاحدٌ لَيْسَ فِيْهُم اخْتلاف، فَقالوا: تَرَكْنَاكُمْ وَأمْرُكُمْ وَاحِدٌ، لَيْسَ فِيْكُمْ اخْتِلافُ، وَقَدِمْنَا عَلَيْكُمْ، وَأنْتُم مُّخْتَلِفُونَ فَبَعْضَكُمْ يَقُولُ: قُتِل عُثْمَان مَظْلُومًا وَكَانَ أوْلَى بِالْعَدْلِ وَأصْحَابِهِ، وَبَعْضَكُمْ يَقُولُ: كَانَ عَليٌّ أوْلَى بِالحق وَأصْحَابَهُ كُلَّهُم ثِقَةٌ، وَعِنْدَنَا مُصَدقُ فَنَحْنُ لا نَتَبرأُ مِنْهُمَا وَلا نَلْعَنْهُما، وَلا نَشْهَدُ عَلَيْهِمَا، وَنُرجئُ أمْرَهُمَا إِلَى اللهِ حَتَّى يكون اللهُ هو الذي يحكم بينهما. وَأمَّا مَنْ لَزِمَ الْجَمَاعَةَ: فَمِنْهُمْ سَعدُ بن أبي وَقَّاص، وأبُو أيُّوبَ الأنْصاري. وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ. وأُسَامَةَ بْن زَيْدٍ. وَحَبيبُ بْنُ مسلمة الْفهري، وصهيب بن سنان، ومُحَمّدُ بن مَسْلَمَةَ في أكثرَ مِنْ عَشَرَةَ آلاف مِنْ أصْحَاب رَسُول اللهِ وَالتَّابِعينَ لَهُم بِإِحْسَانَ قَالُوا جَميعًا: نَتَولَّى عُثمانَ، وَعَليَّ، وَلا نَتَبرأُ مِنْهُمَا، وَنَشْهَدُ عَلَيْهِمَا، وَعلَى شِيْعَتْهِمَا بِالإِيمانِ فَنَرْجُو لَهُم، وَنَخَافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>