وقال أقمت بالمدينة بعد أن حججت سنة حردا أكتب الحديث، قال: وأقمت بالبصرة خمس سنين، معي كتبي أصنف وأحج وأرجع من مكة إلى البصرة، قال: وأنا أرجو أن يبارك الله تعالى للمسلمين في هذه المصنفات، وقال البخاري: تذكرت يوما أصحاب أنس فحضرني في ساعة ثلاثمائة نفس، وما قدمت على شيخ إلا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به، وقال وراقه: عمل كتابا في الهبة فيه نحو خمسمائة حديث، وقال: ليس في كتاب وكيع في الهبة إلا حديثان مسندان أو ثلاثة، وفي كتاب ابن المبارك خمسة أو نحوها، وقال أيضا: ما جلست للتحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في كتب أهل الرأي وما تركت بالبصرة حديثا إلا كتبته، قال: وسمعته يقول: لا أعلم شيئا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة، قال: فقلت له: يمكن معرفة ذلك؟ قال: نعم.
وقال أحمد بن حمدون الحافظ: رأيت البخاري في جنازة ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسماء والعلل، والبخاري يمر فيه مثل السهم، كأنه يقرأ: قل هو الله أحد، وقرأت على عبد الله بن محمد المقدسي، عن أحمد بن نعمة شفاها، عن جعفر بن علي مكاتبة أن السلفي أخبرهم، أخبرنا أبو الفتح المالكي، أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد المخلدي في كتابه، أخبرنا أبو حامد الأعمش الحافظ، قال: كنا يوما عند محمد بن إسماعيل البخاري بنيسابور، فجاء مسلم بن الحجاج فسأله عن حديث عبيد الله بن عمر، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: بعثنا رسول الله ﷺ في سرية ومعنا أبو عبيدة.
الحديث بطوله، فقال البخاري: حدثنا ابن أبي أويس، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن عبيد الله فذكر الحديث بتمامه، قال: فقرأ عليه إنسان حديث حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن موسى ابن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: كفارة المجلس إذا قام العبد أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، فقال له مسلم في أحسن من هذا الحديث ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح تعرف بهذا الإسناد في الدنيا حديثا، فقال محمد بن إسماعيل: إلا أنه معلول فقال مسلم: لا إله إلا الله وارتعد، أخبرني به فقال: استر ما ستر الله، هذا حديث جليل رواه الناس عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، فألح عليه وقبل رأسه، وكاد أن يبكي فقال: اكتب إن كان ولا بد: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا موسى بن عقبة، عن عون بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: كفارة المجلس، فقال له مسلم: لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، وهكذا روى الحاكم هذه القصة في تاريخ نيسابور، عن أبي محمد المخلدي، ورواها البيهقي في المدخل، عن الحاكم أبي عبد الله على سياق آخر، قال: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد الوراق يقول: سمعت أحمد بن حمدون القصار، وهو أبو حامد الأعمش يقول: سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى محمد بن إسماعيل فقبل بين عينيه، وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله حدثك محمد بن سلام، حدثنا مخلد بن يزيد، أخبرنا ابن جريج حدثني موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: كفارة المجلس أن يقول إذا قام من مجلسه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، فقال محمد بن إسماعيل: وحدثنا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين قالا: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: حدثني موسى بن عقبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: كفارة المجلس أن يقول إذا قام من مجلسه: سبحانك ربنا وبحمدك، فقال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا، إلا أنه معلول.
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا سهيل، عن عون بن عبد الله قوله: قال محمد بن إسماعيل: هذا أولى، ولا يذكر لموسى بن عقبة مسندا عن سهيل، ورواها الحاكم في علوم الحديث له بهذا الإسناد أخصر