للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة كما جاء في الحديث: "سعادة ابن آدم في ثلاثة وشقوة ابن آدم في ثلاثة، فمن سعادته: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب الصالح، ومن شقوته المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء" (١٥).

وقد أشار البخاري إلى هذا التأويل بأن قرن بالاستدلال بهذا الحديث قوله تعالى:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} (١٦).

وذكر في الباب حديث أسامة بن زيد "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" (١٧) " (١٨).

القول السادس: ما ذهب إليه الخطابي وابن رجب وابن القيم عليهم رحمة الله وهو أن المراد بالشؤم في هذه الأشياء أنها أعيان وظروف وأسباب محسوسة يقدر الله تعالى بها الشؤم واليُمن والضر والنفع فمن ابتلى بشؤمِ شىءٍ منها فوجد في نفسه الكراهة لذلك أُبيح له تركه.

وليس المراد ما يعتقده أهل الجاهلية فيها من أنها مؤثرة بذاتها وطبعها.

قال الخطابي: "اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر ولا يكون شىء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في


(١٥) رواه أحمد (٣/ ٢٨)، ح (١٤٤٥)، والحاكم (٢/ ١٧٥)، ح (٢٦٨٤)، وضعف إسناده أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ٣٩)، ح (١٠٤٧).
(١٦) سورة التغابن: آية (١٤).
(١٧) أخرجه البخارى في كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة (٥/ ١٩٥٩)، ح (٤٨٠٧).
(١٨) طرح التثريب (٨/ ١٢٢).

<<  <   >  >>