للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أبو داود الطيالسى في مسنده عن مكحول قال: قيل لعائشة: إن أبا هريرة قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الشؤم في ثلاث .. " فقالت: لم يحفظ أبو هريرة، لأنه دخل ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "قاتل الله اليهود يقولون: الشؤم في ثلاث: .. " فسمع أبو هريرة آخر الحديث ولم يسمع أوله (٣١).

ويشهد لهذا الإنكار من عائشة رضي الله عنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه سُئل: سمعتَ من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "الطيرة في ثلاث: في المسكن والفرس والمرأة"؟ قال: كنت أقول على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما لم يقل، ولكن سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "أصدق الطيرة الفأل، والعين حق" (٣٢).

ب - وأما الفريق الآخر فلم يردوا أحاديث الشؤم بكاملها، وإنما ردوا رواية الجزم "الشؤم في ثلاث .. " وغلطوا الراوي فيها وقدموا عليها رواية التعليق "إن كان الشؤم في شيء ففي .. "، ومن هؤلاء: الطحاوي والطبري وابن عبد البر عليهم رحمة الله، وتبعهم في ذلك الألباني.

قال الطحاوي بعد إيراده لحديث الشؤم: "فلم يخبر أنَّها فيهن وإنما قال: "إن تكن في شيء ففيهن" أي لو كانت تكون في شىء لكانت في هؤلاء، فإذا لم تكن في هولاء الثلاثة فليست في شىء" (٣٣).

وقال الطبري: "وأما قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس" فإنه لم يثبت بذلك صحة الطيرة، بل إنما أخبر -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ذلك


(٣١) رواه أبو داود الطيالسي ح (١٥٣٧)، قال ابن حجر في الفتح (٦/ ٦١): "مكحول لم يسمع من عائشة فهو منقطع".
(٣٢) رواه أحمد (١٤/ ٢٦٦)، ح (٧٨٧٠) وضعف إسناده أحمد شاكر لأن فيه أبا معشر وهو ضعيف.
(٣٣) شرخ معاني الآثار (٤/ ٣١٤).

<<  <   >  >>