للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جبريل وغيره، ورقته عائشة وفعل ذلك الخلفاء والسلف، فإن كانت الرقى قادحة في التوكل ومانعةً من اللحوق بالسبعين ألفًا، فالتوكل لم يتم للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا لأحدٍ من الخلفاء، ولا يكون أحدٌ منهم في السبعين ألفًا، مع أنهم أفضل من وافى القيامة بعد الأنبياء ولا يتخيَّل هذا عاقل" (١٨).

- وأما ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني فإنه ليس فيه إعمال لجميع الأدلة، وإجاباتُهم على حديث السبعين ألفًا يمكن الإيراد عليها كما يلى: -

- أما ما ذهب إليه المازري والطبري وابن قتيبة وغيرهم في تأويل حديث "ولا يسترقون" فإنه متعقب بما قاله القاضى عياض عنه: "ولا يستقيم هذا التأويل على مساق الحديث لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يذمّ هنا من قال بالكى والرقى ولا كفرهم كما جاء في حديث الاستمطار بالنجوم .. وإنما أخبر أن هؤلاء لهم مزية وفضيلة بدخولهم الجنة بغير حساب .. وأخبر أن لهؤلاء مزيد خصوص على سائر المؤمنين وصفات تميَّزوا بِها ولو كان على ما تأوّله قبلُ لما اختص هؤلاء بِهذه المزية لأن تلك عقيدة جميع المؤمنين ومن اعتقد خلاف ذلك كفر" (١٩).

كما لا يستقيم القول بأن المكروه منها ما كان بغير أسماء الله تعالى لأن هذا محرم وليس مكروهًا فقط، وقد شذ القرطبي رحمه الله عندما قال: "المقصود: اجتناب رقى خارج عن القسمين: كالرقى بأسماء الملائكة والنبيين والصالحين، أو بالعرش والكرسى والسماوات والجنة والنار وما شاكل ذلك مما يعظم كما قد يفعله كثير ممن يتعاطى الرقى.


(١٨) المفهم (١/ ٤٦٤).
(١٩) كتاب الإيمان من إكمال المعلم للقاضي عياض (٢/ ٨٩٨) بتصرف يسير، وانظر: المفهم (١/ ٤٦٣)، فتح الباري (١٠/ ٢١١).

<<  <   >  >>