للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف أهل العلم- في الجواب على حديث جابر: "إن الشيطان قد أيس" على عدة أقوال وهي كالتالي:

القول الأول: أن المراد أن الشيطان قد أيس أن يجتمعوا كلهم على الكفر، وإلى هذا ذهب ابن رجب وعبد الله أبا بطين وغيرهما (٣).

القول الثاني: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر عمَّا وقع في نفس الشيطان من اليأس عندما رأى الفتوح ودخول الناس في دين الله أفواجًا، ولكن لا يلزم من هذا عدم وقوع الشرك وعبادة سوى الله تعالى، لأن الأمر يقع على خلاف ما ظنه الشيطان، كما دلت على ذلك الأحاديث الأخرى التي فيها إخبار النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بوقوع الشرك.

قالوا: ويدل على هذا القول أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نسب الإياس في الحديث إلى الشيطان مبنيًّا للفاعل، فلم يقل: أُيس بالبناء للمفعول، بمعني أن الله أيسه، فالإياس الصائر من الشيطان لا يلزم تحقيقه واستمراره، ذكر هذا الجواب الشيخ عبد الله أبا بطين (٤)، وإليه ذهب الشيخ محمد العثيمين (٥).

القول الثالث: أن المراد أن الشيطان لا يطمع أن يعبده المؤمنون في جزيرة العرب، وهم المصدقون بما جاء به الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عند ربه المذعنون له، الممتثلون لأوامره، إذ أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة ونور من ربه، فلا يطمع الشيطان أن يعبده، ذكر هذا الجواب الألوسى (٦).


(٣) الدرر السنية (١٢/ ١١٦، ١٣٢) دعاوى المناوئين (٢٢٣).
(٤) انظر الدرر السنية (١٢/ ١١٧، ١٣١) دعاوى المناوئين (٢٢٣) شرح الأبي (٩/ ٢٦١).
(٥) انظر القول المفيد (١/ ٢١١، ٤٦٧).
(٦) نقل ذلك عنه صاحب دعاوى المناوئين (٢٢٤).

<<  <   >  >>