للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: صفة المعية: دل على إثبات هذه الصفة لله تعالى الكتاب والسنة:

أما الكتاب: ففى مثل قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (٣١) وقوله عز وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (٣٢).

وأما السنة: ففى مثل قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم" (٣٣).

وهذه المعية لا توجب حلولًا ولا اختلاطًا، ولا تنافي علو الله تعالى، لأن معناها بإجماع أهل العلم (٣٤): العلم والإحاطة، أي: أن الله تعالى معنا بعلمه وإحاطته، وهي عند أهل السنة والجماعة على نوعين:

أحدهما: معية عامة أي: مع الخلق كلهم، ومثالها ما سبق من قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ومقتضى هذه المعية: العلم والإحاطة والقدرة والسلطان.

ثانيهما: معية خاصة بأنبيائه وأوليائه، ومثالها قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (٣٥) وقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٣٦) ومقتضى هذه المعية: النصرة والإعانة والتأييد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لفظ المعية -في اللغة- وإن اقتضى المجامعة


(٣١) سورة المجادلة. آية (٧).
(٣٢) سورة الحديد. آية (٤).
(٣٣) سبق تخريجه ص (٢٦٥).
(٣٤) سيأتي قريبًا ذكر من حكى الإجماع ص (٢٨٩).
(٣٥) سورة التوبة. آية (٤٠).
(٣٦) سورة النحل. آية (١٢٨).

<<  <   >  >>