للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأسه ونزل وقال: "حيرني الهمذاني، حيرني الهمذاني" (٢٦)

قال ابن قتيبة: "والأمم كلها -عربيها وعجميها- تقول: إن الله تعالى فى السماء ما تُركت على فطرها، ولم تُنقل عن ذلك بالتعليم" (٢٧).

وقال أبو الحسن الأشعري: "ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستو على العريق الذي هو فوق السموات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش" (٢٨).

وقال ابن عبد البر: "ومن الحجة أيضًا في أنه عز وجل على العرش فوق السموات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربَهم أمر ونزلت بِهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربَّهم تبارك وتعالى، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة، من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم" (٢٩).

وأخيرًا مما ينبغى التنبيه عليه أن صفة العلو لله تعالى لا يحتاج إثباتُها إلى كثير أدلة لأن إثبات هذه الصفة لله تعالى فطرة وعقيدة مغروزة في النفوس -كما تقدم- لا يجادل فيها إلا مكابر أو منحرف الفطرة ولا عبرة بِهما، ولكن لما كثر التلبيس على الناس ممن زين لهم الشيطان سوء أعمالهم احتاج أهل العلم إلى حشد النصوص الكثيرة فى هذه المسألة -من الكتاب والسنة وما أثر عن سلف هذه الأمة- فصنفوا المصنفات العديدة المفردة في إثبات هذه الصفة لله تعالى (٣٠) والله المستعان.


(٢٦) انظر شرح العقيدة الطحاوية (٣٩٠)، مجموع الفتاوى (٤/ ٦١).
(٢٧) تأويل مختلف الحديث (٢٥٢).
(٢٨) الإبانة عن أصول الديانة (٩٧).
(٢٩) التمهيد (٧/ ١٣٤).
(٣٠) انظر مثلًا: العلو لابن قدامة، العلو للذهبى، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.

<<  <   >  >>