للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه سلف هذه الأمة من إثبات قرب الله تعالى قربًا يليق بجلاله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف وأنه لا يُنافي علوه لأنه تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وأختم هذه المسألة بكلام جميل للشيخ حافظ الحكمى قال رحمه الله: "بل نقول آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا نطلب إمامًا غير الكتاب والسنة، ولا نتخطاهما إلى غيرهما، ولا نتجاوز ما جاء فيهما فننطق بما نطقا به ونسكت عما سكتا عنه ونسير سيرهما حيث سارا ونقف معهما حيث وقفا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" (٧٠).

تنبيه:

إذا قلنا إن الله تعالى قريب من عبده بالإجابة أو أنه يقرب من عبده بنفسه أو أنه يقرب من عبده بتقريب عبده إليه، فمرادنا بالعبد هنا: العبد المؤمن، وعلى هذا يكون قربه تعالى بِهذا المعنى من صفاته الفعلية الاختيارية، وأما إذا فسرنا القرب بمعنى: قربه بعلمه وإحاطته وقدرته فلا شك أنه يشمل جميع العباد مؤمنهم وكافرهم، ويكون القرب على هذا المعنى صفة ذاتية لازمة له تعالى.

وبالتالي فلا يصح أن نصف الله تعالى بالقرب على وجه الإطلاق إلا إذا أردنا المعنى الثاني، كما أنه لا يصح وصف الله تعالى بالمعية على وجه الإطلاق إلا إذا أريد بِها المعية العامة والله تعالى أعلم.

وهل يقسم القرب إلى عام وخاص كما هو الحال في المعية أم لا؟

أما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فيرفضان هذا التقسيم، قال


(٧٠) معارج القبول (١/ ١٢٩). ويُروى أول هذا الكلام عن الشافعى رحمه الله تعالى. انظر مجموع الفتاوى (٤/ ٢، ٦/ ٣٥٤).

<<  <   >  >>